الخميس، 9 يناير 2014

تعريف الملحمة وخصائصها

الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان وفضله على سائر الأنام والصلاة، وقسم الناس بالرأي وميزهم بالعقل فرقاً تتواصل ولا تختلف وتتقارب ولا تتنازع، والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وأصحابه الكرام أما بعد فهذا البحث يتحدث عن  تعريف الملحمة وخصائصها

الملحمة: في "الموسوعة العربية العالمية": هي قصيدة قصصية طويلة، تدور حول بطولات فائقة لأشخاص غير عاديين في الحرب، أو في السفر.
وفي كثير من الملاحم الشعرية الأسطورية قد يكون البطل حسب اعتقاداتهم الوثنية نصف إله، أي: متولدًا من إله وبشر، طبقًا لما يؤمنون به من خرافات، ويتناول كثير من الملاحم نشأة شعب أو نمو أمة من الأمم، وقد ألف الملاحم أناس مجهولون خلال زمن طويل، وإن كان هناك ملاحم أخرى ألفها مؤلف واحد، وتعود أقدم الملاحم الشعرية إلى فترة ما قبل التاريخ، حيث كان يغنيها في البداية شعراء، يقومون في ذات الوقت بالعزف على آلة وترية، وكان المنشد يحفظ أوصافًا وحوادث وعبارات ومشاهد معينة، يمكن استخدامها في تأليف الأبيات.
ومن المادة المخصصة للشعر الملحمي في "موسوعة الويكبيديا"، نعرف أن الملحمة: قصيدة قصصية شديدة الطول تعود عادة حول أعمال بطولية، ووقائع ذات دلالة لِأُمة من الأمم أو ثقافة من الثقافات.
ويفرق كاتب المادة بين نوعين من الملاحم: النوع القديم كـ"ملحمة جلجامش" و"ملحمة "الإلياذة"" لـ"هوميروس" الإغريقي، والنوع الأحدث أو الثانوي مثل "الإنياذة" لـ"فرجيل" الروماني و"الفردوس المفقود" لـ"جون ملتون" الإنجليزي. وهذا الأخير هو من إبداع أدباء كبار معروفين استخدموا له لغة أدبية راقية، ونسجوه عامدين على مِنوال تلك الملاحم القديمة، التي كانت في الأصل شفوية غير مكتوبة، وإن كان قد تم تسجيلها كتابةً بعد ذلك فوصلت من ثم إلينا.
الخصائص التي تميز الملحمة:
هي أن يكون بطل الملحمة شخصًا جليلًا ذا مكانة كبيرة بين أبناء وطنه، أو في العالم أجمع ويحظى بأهمية تاريخية أو أسطورية، كذلك ينبغي أن يكون ميدان الأحداث شديد الاتساع بحيث يشمل كثيرًا من الأمم والبلاد المختلفة، وأن تتسم تصرفات البطل بالشجاعة الفائقة؛ لتكون خارقة في كثير من الأحيان، فضلًا عن مشاركة الآلهة والملائكة والشياطين فيها، مع حرص المؤلف على فخامة الأسلوب، والموضوعية في رواية الوقائع، ورسم الشخصيات بكل سبيل.
وعلى وجه العموم، نرى البطل يقوم برحلة يلقى فيها خصومًا، يحاولون إنزال الهزيمة به؛ ليعود في نهاية المطاف إلى بلاده، وقد تغير فلم يعد كما كان، وهو في كل ذلك يعكس الملامح القومية والخلقية، التي تميز أمته، ويأتي من الأعمال ما يميز أهمية قصوى لتلك الأمة.
وقد قام كاتب الويكيبيديا في نهاية المادة بتزويدنا بقائمة لأهم الملاحم المعروفة في العالم مرتبةً تاريخية بدءًا من القرن العشرين قبل الميلاد، وهي بالعشرات وتكاد ألا تكون هناك أمة من الأمم القديمة، إلا وقد أبدعت الملاحم.
الشعر الملحمي:
وسر تسمية الشعر الملحمي بهذه التسمية: أنه يدور غالبًا حول معارك حربية، وهو ذلك الشعر الذي لا يعبر عن ذات صاحبه، ولكنه يدور حول أحداث أو بطولات وأبطال في فترة محددة من تاريخ الأمة.
كما يمزج الحقائق التاريخية بروح الأسطورة والخيال، وتتوارى ذات الشعر في هذا المقام حين يتناول مادته تناولًا موضوعيًّا وليس وجدانيًّا، وهو يصور حياة الجماعة بانفعالاتها وعواطفها، بعيدًا عن عواطفه وانفعالاته، ولا تظهر شخصيته إلا في أضيق الحدود كما تعنيه عواطف الأبطال وانفعالاتهم أكثر من عواطفه وانفعالاته الخاصة.
وتطول قصائد هذا اللون من الشعر؛ حتى تصل آلاف الأبيات، ولكنها على طولها لا بد لها من وحدة، هي حدثها الرئيسي، وشخصيتها الرئيسية التي تمضي بالأحداث إلى نهايتها، ثم تتفرع أحداث ثانوية وشخصيات مساعدة.
ومن أقدم ما عرفه تاريخ الأدب العالمي من هذا الجنس الشعري "ملحمة "الإلياذة" و"الأوديسا" لشاعر اليونان "هومر".
وموضوع "الإلياذة": تلك الحرب القاسية بين اليونان ومملكة طروادة.
وأما "الأوديسا": فتصور عودةَ اليونانيين إلى بلادهم عقب المعركة.
والملحمتان تحكيان ألوانًا من المشاعر المتباينة من الغدر والوفاء والحب والبغض، كما تصور أحداثًا دامية عنيفة، وتحكي أسطورة فتح طروادة بهيكل الجواد الخشبي، وتحكي عن شخصيات الأمراء والقواد مثل: أخيل وأجمنون وأجاكس وهيكتور وغيرهم، وبلغت "الإلياذة" ستة عشر ألف بيت من الشعر على وزن واحد.
وقد عرف الرومان الملاحم على يد شاعرهم جرجيل حين كتب "الإنيادة" مستلهمًا ملحمة "هوميروس" وموضوعها مغامرات البطل "إنياس".
وكذلك عرفت الأمم الأوربية عددًا من مطولات الشعر القصصي، جعلته سجلًّا لأحداثها ومواقفَ أبطالها، فأنشودة رونان عند الفرنسيين تصوير لعودة الملك "شارلمان" منهزمًا في إحدى غزواته، ولكنه بالرغم من هزيمته كان مثالًا للبطولة والنبل.
كما عرف الفرس ملحمة "الشاهنامه"، التي تحكي أحداث مملكة الفرس.
وكذلك كتب الهنود ملحمة "المهابهاراتا" في مائة ألف بيت، حول صراع أبناء أسرة واحدة على المُلك، مما أدى إلى فنائهم جميعًا.
وقد قل شأن هذا اللون من الشعر في العصر الحديث؛ إذ لم يعد الإنسان تطربه خوارق الأساطير الممعنة بالخيال، بقدر اهتمامه بأحداث الحاضر المعبر عن واقعه وهمومه، وآماله وآلامه، وقد بدأ الشعر الملحمي الغربي بـ"الإلياذة" و"الأوديسا"، ويعتقد الباحثون أن هذين العملين قد كتبهما "هوميروس"، وهو شاعر يوناني أعمى عاش في القرن السابع قبل الميلاد، وبني جزءا من كل منهما على التاريخ، والجزء الآخر على الأسطورة المتصلة بحرب طروادة.
ووضع النقاد الأدب من الإغريق والرومان قواعد للملاحم الشعرية، مبنية على أسلوب "هوميروس" وأسلوب "فرجيل" أهم تابعيه، وقد نصت هذه القواعد على وجوب بدء الملحمة في منتصف الأحداث، أي: أن تبدأ القصة بعد أن يكون جزء كبير من أحداثها قد وقع، وكان على الشعراء أيضًا أن يكتبوا بأسلوب رفيع، وأن يبدأوا بالابتهال إلى آلهة الإلهام، يطلبون منها الوحي الشعري.
ومع مرور الزمن أُهمِلت قواعد الملاحم الشعرية اليونانية والرومانية، وقام الشعراء خلال العصور الوسطى بكتابة الملاحم الشعرية بأسلوب طبيعي، ومن الملاحم المهمة في العصور الوسطى "الملحمة الإنجليزية" "بيولف" في القرن الثامن الميلادي، والفرنسية "أغنية رولان" في القرن الثاني عشر الميلادي، والأسبانية "قصيدة السِّيد" حوالي عام ألف ومائة وأربعين للميلاد، وفي القرن السابع عشر قام الشاعر الإنجليزي "جون ملتون" بتقليد "هومر" و"فرجيل" في ملحمته الشعرية "الفردوس المفقود"، ومع بداية القرن الثامن عشر أسهم رواج الأدب النثري الواقعي، وخصوصًا الروايات في تراجع الشعر الملحمي.

المراجع والمصادر
أشرف حسن محمد حسن

1.    محمد غنيمي هلال، الأدب المقارن,مكتبة الأنجلو المصريّة، 1962م
2.    أحمد درويش، القاهرة، الأدب المقارن: النّظرية والتّطبيق,دار الثّقافة العربيّة، 1992م
3.    حسن جاد حسن، القاهرة، الأدب المقارن,دار المعلم، 1978م
4.    عبد الحكيم حسان، الأدب المقارن والتّراث الإسلاميّ,القاهرة، مكتبة الآداب، 1988م
5.    الرمادي جمال الدين الرمادي، فصول مقارنة بين أدبيّ الشّرق والغرب,القاهرة، الدّار القوميّة للطباعة والنّشر، 1996م
6.    إبراهيم عبد الرحمن محمد، الأدب المقارن بين النّظرية والتّطبيق,القاهرة، مكتبة الشّباب، 1978م
7.    المصري حسن نحيب المصري صلات بين العرب والفرس والتّرك,، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصريّة، 1969م
8.    ندا طه ندا، الأدب المقارن,دار النّهضة العربيّة للطباعة والنّشر، 1975م
9.    محمد غنيمي هلال، النّماذج الإنسانيّة في الدّراسات الأدبيّة المقارنة,القاهرة، دار نهضة مصر للطباعة والنّشر، 1957م
10.                       خفاجي محمد عبد المنعم خفاجي، دراسات في الأدب المقارن,القاهرة، دار الطّباعة المحمديّة، 1956م
11.                       بدوي عبد الرحمن بدوي، التّراث اليونانيّ في الحضارة الإسلاميّة: دراسات لكبار المستشرقين,دار القلم، 1980م
12.                       بدوي عبد الرحمن بدوي، الدّيوان الشّرقيّ للمؤلف الغربيّ,القاهرة، مكتبة النّهضة المصريّة، 1944م
13.                       حميدة عبد الرزاق حميدة،  قصص الحيوان في الأدب العربيّ,دار الحديث للطباعة، 1951م
14.                       محمد مندور، محاضرات عن خليل مطران,القاهرة، طبعة جامعة الدّول العربيّة، معهد الدّراسات العربية، 1954م
15.                       عائشة عبد الرحمن، رسالة الغفران: دراسة نقديّة,مصر، دار المعارف، 1962م