ã
تخلف كعب
ã
كعب يتردد في الجهاد
ã
الرسول يتفقد الغزاة
ã
الرسول يعود من تبوك
ã
كعب يعترف بالذنب
ã
الهجر جزاء المتخلفين
ã
كعب يتسور على ابن عمه البستان
ã
ملك غسان يطمع في كعب
ã
أمر المتخلفين باعتزال النساء
ã
البشارة بالتوبة
ã
كعب يهتز للبشرى
ã
الرسول يبرق وجهه بالسرور
ã
كعب يتصدق بماله
ã
كعب يعاهد الرسول على الصدق
ã
من عبرة القصة وفوائدها .
المتخلفون
عن الجهاد :
(كعب
بن مالك يتحدث عن تخلفه في غزوة تبوك)
لم
أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك ، غير أني
كنت تخلفت في بدر ولم يعاتب أحداً عنها ، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
والمسلمون يريدون عير قريش ]قافلتهم[ حتى
جمع الله تعالى بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد .
ولقد
شهدت مع رسول الله ليلة العقبة ([1]) حين تواقنا ([2]) على الإسلام ، وما أحب أن لي
بها مشهد بدر ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها (أكثر شهرة ، وأعظم ذكراً) .
تخلف كعب :
وكان
من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط
أقوى ولا أيسر مني (أغنى) حين تخلفت عنه في تلك الغزوة ، والله ما جمعت قبلها
راحلتين قط حتى جمعتها في تلك الغزوة ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد
غزوة إلا وري (أوهم غيره) بغيرها .
حتى
كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد ، واستقبل سفراً
بعيداً ومفازاً (فلاة لا ماء فيها) واستقبل عدواً كثيراً ، فحل للمسلمين أمرهم
(وضح) ليتأهبوا أهبة غزوهم (ليستعدوا) فأخبرهم بوجهه الذي يريد (بمقصده) ، والمسلمون مع رسول الله كثير ، ولا يجمعهم
كتاب حافظ ، يريد الديوان (سجل الجندية) .
قال
كعب : فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى (لكثرة الجيش) ما لم ينزل فيه
وحي الله .
وغزا
رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنها إليها
أصعر (أميل) .
كعب يتردد في الجهاد :
فتجهز
رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ، وطففت أغدوا لكي أتجهز معهم ، فأرجع
ولم أقض شيئاً ، وأقول في نفسي : أنا قادر على ذلك إذا أردت ، فلم يزل ذلك يتمادى
بي حتى استمر بالناس الجد (سافروا) فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غادياً
والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئاً ، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئاً .
فلم
يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغـزو (سبقوا) فهممت أن أرتحل فأدركهم ، فيا
ليتي فعلت ، ثم لم يقدر لي ذلك .
فطففت
إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى أسوة
إلا رجلاً مغموصاً عليه ]مطعوناً[ في النفاق أو
رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء .
الرسول يتفقد الغزاة :
(ولم
يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك )
رسول
الله ( وهو جالس في القوم) : ما فعل كعب ؟ .
رجل
من بني سلمة : يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه (اعجابه بشبابه وثيابه)
معاذ
بن جبل : بئس ما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً .
(سكت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينما هو على ذلك رأى رجلاً مبيضاً ) (لابس البياض)
يزول به السراب )يتحرك) فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : كن أبا خيثمة (اللهم
أجعله أبا خيثمة) ، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري ، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين
لمزه المنافقون (عابوه) .
رجوع الرسول من تبوك :
قال
كعب بن مالك : فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلاً
(راجعاً) من تبوك ، حضرني همي فطففت أتذكر الكذب وأقول ك بم أخرج من سخطه غداً ؟
واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ، فلما قيل لي : إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قد أظل قادماً (دنا قدومه) ، زاح عني الباطل وعرفت أني لن أخرج منه أبداً بشئ
فيه كذب ، فأجمعت (عزمت) صدقه .
وأصبح
رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً ، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه
ركعتين ثم جلس للناس ، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون
لـه ، وكان بضعة وثمانين رجلاً ، فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم
، وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى .
كعب يعترف بالذنب :
قال
كعب : حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ، ثم قال
: تعال ، فجئت أمشي حتى جلست بين ديه .
رسول
الله صلى الله عليه وسلم (في عتب وغضب) : ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك .
(اشتريت ركابك) .
كعب
(في صدق واعتراف) : بلى إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج
من سخطه بعذر ، ولقد أعطيت جذلاً لكنني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب
ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك عليّ .
ولئن
حدثتك حديث صدق تجد عليّ فيه ، إني لأرجو فيه عفو الله ، والله ما كان لي عذر ،
والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك .
رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك . ( يشب رجال
من بني سلمة يتبعون كعباً) .
قوم
كعب : والله ما علمناك أذنبت ذنباً قبل هذا ، ولقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون ، فقد كان كافيك ذنبك
استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك .
كعب :
فوالله ما زالوا يؤنبونني (يلوموني) حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأكذب نفسي .
كعب
لقومه : هل لقي هذا معي من أحد ؟ .
قوم
كعب : نعم لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت ، وقيل لهما مثل ما قيل لك .
كعب :
من هما ؟ .
قومه
: مرارة بن الربيع العمري ، وهلال بن أمية الواقفي .
قال
كعب :فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدراً فيهما أسوة ، فمضيت حين ذكروهما لي .
الهجرة جزاء المتخلفين :
قال
كعب : ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين
من تخلف عنه ، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض (تغيرت)
فما هي بالأرض التي أعرف ، ولبثنا على ذلك خمسين ليلة ، فأما صاحباي فاستكانا
(ضعفا) وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم (أقواهم) ،
أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين ، وأطوف في الأسواق ، ولا يكلمني أحد ، وآتي رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسه : هل
حرك شفتيه ، يرد السلام أم لا ؟ .
ثم
أصلي قريباً منه وأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتي نظر اليّ ، وإذا التفت نحوه
أعرض عني .
كعب يتسور على ابن عمه البستان :
قال
كعب : حتى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة ]بستانه[ وهو ابن عمي وأحب
الناس اليّ ، فسلمت عليه فوالله ما رد عليّ السلام .
فقلت
له : يا أبا قتادة أنشدك الله عل تعلمني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،
فسكت ، فعدت فناشدته ، فسكت ، قعدت فناشدته فقال : الله ورسوله أعلم ، ففاضت عيناي
، وتوليت حتى تسورت الجدار .
ملك غسان يطمع في كعب :
قال
كعب : فبينما أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي (فلاح) من نبط الشام ممن قدم
بالطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدل على كعب بن مالك ؟ فطفق الناس يشيرون لـه
اليّ . حتى جاءني ، فدفع اليّ كتاباً من ملك غسان (وكان نصرانياً) وكنت كاتباً
فقرأته ، فإذا فيه :
( أما
بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق
بنا نواسك) .
فقلت
حين قرأتها : وهذه أيضاً من البلاء ، فتيممت (فقصدت) بها التنور فسجرتها بها (حرقت
الكتاب) .
أمر المتخلفين باعتزال النساء :
قال
كعب : حتى إذا مضت أربعون - ليلة - من الخمسين ، واستبث (أبطأ) إذا رسول رسول الله
يأتيني .
رسول
النبي صلى الله عليه وسلم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل
امرأتك ،
كعب :
أطلقها أم ماذا أفعل ؟
رسول
النبي صلى الله عليه وسلم : لا بل اعتزلها ولا تقربها .
كعب
لأمرأته : الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر .
يرسل
النبي إلى (هلاك ومرارة) باعتزال نسائها ، فتجيئ إمرأة هلال بن أمية رسول الله صلى
الله عليه وسلم .
أمرأة
هلال : يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه ؟
رسول
الله صلى الله عليه وسلم : لا ، ولاكن لا يقربك .
إمرأة
هلال : إنه والله ما به من حركة إلى شئ ، ووالله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما
كان إلى يومه هذا .
أهل
كعب : لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك ، فقد أذن لأمرأة هلال
بن أمية أن تخدمه .
كعب :
لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما يدريني ماذا يقول رسول الله
إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب ؟ .
(يلبث
كعب بذلك عشر ليال ، فيكمل له الخمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا) .
البشارة بالتوبة :
قال
كعب : ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا ، فبينما أنا
جالس على الحال التي ذكر الله : قد ضاقت عليّ نفسي ، وضاقت عليّ الأرض بما رحبت ،
سمعت صوت صارخ أوفى (صعد) على سلع (جبل) يقول بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر ،
فخررت ساجداً ، وعرفت أن قد جاء فرج ، وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس
بتوبة الله عز وجل علينا حين صلى صلاة الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، فذهب قبل
صاحبي ، مبشرون وركض اليّ رجل فرساً (استحثه للإسراع) ، وسعى ساع من (أسلم) قبلي
وأوفى على الجبل ، فكان الصوت أسرع من الفرس .
كعب يتصدى للبشرى :
قال
كعب : فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته -
والله ما أملك غيرهما حينئذٍ واستعرت ثوبين ولبستهما ، وانطلقت أتأمم (أقصد) رسول
الله صلى الله عليه وسلم فتلقاني الناس فوجاً فوجاً يهنئوني بالتوبة ويقولون :
لتهنك توبة الله عليك ، حتى إذا دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم
جالس حوله الناس فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ، والله ما قام
رجل من المهاجرين غيره ، فكان كعب لا ينساها لطلحة .
الرسول يبرق وجهه بالسرور :
قال
كعب : فلما سمعت على رسول الله صلى الله عليه وسلـم ، قال وهو يبرق وجهه بالسرور :
( أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك) .
كعب : أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ .
رسول
الله صلى الله عليه وسلم : لا بل من عند الله .
(وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنار وجهه الشريف حتى كأن وجهه قطعة قمر
، وكنا نعرف ذلك منه) .
كعب يتصدق بماله كله :
(كعب
يجلس بين يدي الرسول) .
كعب :
يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله والى رسوله .
رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك .
كعب :
إني أمسك سهمي الذي بخيبر .
كعب يجاهد الرسول صلى الله عليه وسلم على
الصدق :
قال
كعب : يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا
صدقاً ما بقيت .
فوالله
ما علمت أحداً من المسلمين أبلاه الله تعالى : ( وفقه) في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك
لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله تعالى (وفقني) .
والله
ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله إلى يومي هذا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله
تعالى فيما بقي .
وأنزل
الله على رسوله صلى الله عليه وسلم :{لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ
وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ
يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ
رَّحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ
عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ
أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} .
قال
كعب : والله ما أنعم الله عليّ من نعمة قط ، بعد إذ هداني للاسلام أعظم في نفسي من
صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته ، فأهلك كما هلك الذين كذبوا
، إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد : {سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ
لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ
عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ
يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ
عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } .
قال
كعب : وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم حين حلفوا له ، فبايعهم واستغفر لهم ، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه
وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه ، فبذلك قال الله عز وجل : {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ
خُلِّفُواْ} ،
وليس الذي ذكر الله مما خلفنا ]تخلفنا[ عن
الغزو وإنما هو تخليفه إيانا ، وإرجاؤه أمرنا ]أي
تأخيره[ عمّن حلف له ، واعتذر إليه ، فقبل منه .
من فوائد القصة :
قال
الله تعالى : {مَا
كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن
يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ}
1- يجوز
للمسلم أن يتحدث بذنبه بعد توبته - كما فعل كعب - ليشجع على التوبة من الذنب ، لا
سيما إذا كان ذنبه مكشوفاً معروفاً للناس .
أما
الذنب السري الذي ارتكبه المسلم ، أو الذنب الجهري الذي لم يتب منه ، فلا يجوز له
أن يتحدث عنه لئلا يشجع غيره عليه ، ويكون فيه المجاهرة التي حذر منها رسول الله
صلى الله عليه وسلم بقوله : (كل أمتر معافى إلا المجاهرين) .
ومثل
كعب رضي الله عنه مثل رجل أصيب بعلة خطيرة ، فأجرى لـه الطبيب عملية جراحية ناجحة
، وحرّم عليه بعض الأطعمة ، فاستجاب ،
وصبر ، وقاسى من حرمانه ما قاسى ، حتى تم شفاؤه ، فهل في حديث هذا المريض - إذا
حدث - إغراء بالعلة ، أم وصية بالصبر والطاعة ؟ .
2- قد
يتوفر للإنسان المال والأسباب لقيامه بواجب الجهاد ، ومع هذا كله يرتكب الذنب الكبير
، والخذلان والتقصير لو استجاب لدواعي الكسل والتسويف ، وحب اللذة العاجلة كما حصل
لكعب ، وقد لا تتوفر للإنسان الأسباب للقيام بواجب الجهاد ، ومع هذا تراه يحب
الجهاد ويحرص عليه ، كما جرى للفقراء الذين جاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
طالبين أن يحملهم ، فلم يجد ما يحملهم على الذهاب للجهاد ، فتولوا وهم يبكون ،
ولكن لنيتهم الطيبة يسر الله لهم مطايا ، فحملهم عليها رسول الله صلى الله عليه
وسلم .
3- إن
المؤمن يتألم فيما لو أهمل واجبه ، يقول كعب : ( يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلى
منافقاً ، أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء) .
4- المؤمن لا يخذل أخاه ، بل يدافع عنه ، فمعاذ بن
جبل يقول للرجل : ( بئس ما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً) .
5- المقاطعة
والهجر هو علاج ناجح لرد المنحرفين إلى جادة الصواب ، وما ورد من النهي عن الهجر
فمحمول على التقاطع من أجل الدنيا ، والتشفي .
6- الصحابة
كلهم يطيعون قائدهم ، وينفذون وصيته ، فإبن عم كعب لا يرد عليه السلام ، ولما جاءت
بطاقة من ملك غسان ، وجاء حاملها يسأل عن كعب ، لم يجبه أحد باللسان ، بل بالاشارة
وان كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يراهم .
7- المؤمن
الكامل لا يبيع دينه ولو بملك الدنيا ، فلما جاء كتاب الملك النصراني يعرض على
(كعب) اللحاق به عدّ هذا من البلاء ، وحرق كتابه .
8- العلاج
بالهجر لا يقتصر تنفيذه على الناس ، بل يشمل البيت ، فيؤمر المتخلفون باعتزال
نسائهم ، فربما كان من المثبطات عن الجهاد حسب البقاء بجانب الزوجة والشهوات .
9- السجود
لله ، والشكر له حين يجئ الفرج ، وهذا ما فعله كعب رضي الله عنه : وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء أمر يسر به ، خر ساجداً ن شكراً لله تعالى ) .