الاثنين، 1 فبراير 2016

الإدارة الإستراتيجية الفصل الأول : أساسيات الإدارة الإستراتيجية

1-      مفهوم الإدارة الإستراتيجية
تعريف Glueck  جليك
  الإدارة الإستراتيجية هي سلسلة من القرارات والأفعال التي تقود إلى تطوير إستراتيجية أو استراتيجيات فعالة لتحقيق أهداف المنظمة .
ويرى د. سعد غالب ياسين أن الإدارة الإستراتيجية تمثل منظومة من العمليات المتكاملة ذات العلاقة بتحليل البيئة الداخلية والخارجية وصياغة إستراتيجية مناسبة وتطبيقها وتقييمها في ضوء تحليل أثر المتغيرات المهمة عليها وذلك بما يتضمن تحقيق ميزة إستراتيجية للمنظمة وتعظيم انجازها في أنشطة الأعمال المختلفة .
وتختلف الإدارة الإستراتيجية عن التخطيط الاستراتيجي والتخطيط التشغيلي ، فالإدارة الإستراتيجية هي ثمرة لتطور مفهوم التخطيط الاستراتيجي وتوسيع لنطاقه وإغناءً لأبعاده ، فالتخطيط الاستراتيجي هو عنصر من عناصر الإدارة الإستراتيجية وليس الإدارة الإستراتيجية بعينها لان الإدارة الإستراتيجية تعني أيضاً إدارة التغيير التنظيمي وإدارة الثقافة التنظيمية وإدارة الموارد وإدارة البيئة في نفس الوقت ، فالإدارة الإستراتيجية تهتم بالحاضر والمستقبل في آن معا ، في حين أن التخطيط الاستراتيجي هو عملية تنبؤ لفترة طويلة الأجل وتوقع ما سيحدث وتخصيص الموارد .
 
إن من المهام الرئيسية للإدارة الإستراتيجية هو متابعة وتقييم أداء المنظمة ، كنظام متكامل يتكون من بنية متفاعلة من الأنظمة الوظيفية الفرعية ، فإلى جانب تحليل أداء الأنظمة الفرعية والمناخ التنظيمي والثقافة التنظيمية ، وما تتضمن هذه المجالات والأنظمة من عناصر قوة وضعف ، تقوم الإدارة الإستراتيجية بتجديد مركز المنظمة الإستراتيجية وتقييم الأداء ككل من خلال تحديد دور كل نظام في خلق قيمة محددة للمنظمة ومتابعة سلسلة القيمة المضافة ذات الأثر المباشر في إتاحة فرص البقاء أو النمو والتطور في الصناعة ، ويعتبر التكامل الاستراتيجي شرطا جوهريا للكفاءة والفاعلية .
وخلاصة القول أن الإدارة الإستراتيجية هي عملية إبداعية عقلانية التحليل وهي عملية ديناميكية متواصلة يسعى إلى تحقيق رسالة المنظمة من خلال إدارة وتوجيه الموارد المتاحة بطريقة كفؤة وفعالة والقدرة على مواجهة تحديات بيئة الأعمال المتغيرة من تهديدات وفرص ومنافسة ومخاطر لتحقيق مستقبل أفضل انطلاقا من نقطة ارتكاز أساسية في الحاضر .
  2- أهمية الإدارة الإستراتيجية
تتضح أهمية الإدارة الإستراتيجية من خلال تحليل التحديات التي تواجه الإدارة، وهذه التحديات :
أ‌) تسارع التغير الكمي والنوعي في بيئة الأعمال:
يظهر التغير بجلاء أكثر في البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للعالم وفي تطور التكنولوجيا والبرمجيات المعقدة والتقنيات المتطورة لأجهزة الاتصال ، لذلك على صانع الإستراتيجية مواكبة
التغير وليس مواجهته لاكتساب المزيد من التعلم والخبرة في إدارة التغيير بطريقة فعالة تستند على مشاركة واسعة من قبل كل أفراد التنظيم .
ب‌) زيادة حدة المنافسة :
لقد أصبحت المنافسة الكونية حقيقة واقعة ابتداءً من أشباه المواصلات إلى خدمات التنظيف ، كما غيرت العولمة الاقتصادية حدود المنافسة ، وتتضح هذه الصورة في ظهور منافسين جدد باستمرار وزيادة حدة المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية مما يفرض على صانعي الإستراتيجية تحدي صياغة وتطوير خطط إستراتيجية كفؤة وبعيدة المدى لمعالجة وضع منظماتهم في الأسواق ذات النمو البطيء والأسواق التي ستكون فيها حصة المنظمة بوضع حرج .
ج) كونية الأعمال:
لقد تلاشت في عالم الأعمال حدود السيادة بين الدول والأقاليم وذلك مع زيادة الاعتماد المتبادل للاقتصاديات ، ونمو المنافسة الأجنبية في الأسواق المحلية وندرة الموارد الطبيعية ، حرية التبادل التجاري ، كل هذه المعطيات وغيرها جعلت من نشاط الأعمال أكثر عالمية واقل محلية من ذي قبل .
فمثلا ضمن المظاهر البارزة عل كونية الأعمال هو اتجاه الشركات اليابانية للبحث عن تحالفات إستراتيجية مفتوحة مع الشركات العالمية الأخرى بحيث يتعرف كل طرف على عناصر القوة التقنية في الطرف الآخر ، شركة تويوتا و Gm  يشتركان الآن في مشروع تطوير تصنيع السيارات .
  د‌) التغير التكنولوجي:
تعتمد معظم المنظمات على التكنولوجيا لتحقيق ميزة تنافسية ضرورية للبقاء في عالم الأعمال ، ولأن التكنولوجيا تتغير بصورة سريعة في كل الصناعات ، فان عدم مواكبة هذا التغير يضع المنظمة في مواجهة تهديد حقيقي ، وعادة تهيئ إدارة المنظمات نفسها لمواجهة المنافسين من خلال تطوير طرق جديدة للمنافسة والاستفادة من المميزات التقنية الجديدة .
هـ) نقص الموارد:
من الواضح أن الموارد الطبيعية في تناقص مستمر واليوم توجد صناعات معينة تواجه نقص خطير في المواد الأولية وعناصر مدخلات النظام الإنتاجي لذلك يتطلب في الإدارة الإستراتيجية وضع خطط طويلة للحصول عل المواد الأولية بطريقة عقلانية واقتصادية وفي إطار المسئولية الاجتماعية
  و) التحول من المجتمعات الصناعية إلى مجتمعات المعرفة:
أصبحت المعرفة قوة إستراتيجية ويمكن ان تشكل ميزة إستراتيجية في مجال الإدارة والتكنولوجيا ، فالمعرفة هي أساس القدرة في عملية خلق المنتجات الجديدة أو تطوير المنتجات الحالية ، وهي أساس القدرة في الوصول إلى  مستويات عالية من النوعية والإبداع التقني ، إن المعرفة ضرورية لتنفيذ أنشطة الإدارة من إنتاج وتسويق وإدارة موارد بشرية بطريقة تضمن تحقيق الكفاءة والفاعلية ، لذلك من المفترض أن يتعلم صانعوا الإستراتيجية الكيفية التي من خلالها يمكن إدارة المعرفة باعتبارها عامل حيوي يرجح نجاح المنظمة أو فشلها .
  ز) عدم الاستقرار في أوضاع السوق:
  يلاحظ أن الأسواق التجارية في حالة تذبذب وعدم استقرار مثل عدم استقرار أسعار صرف العملات وعدم استقرار أسعار الطاقة ، تزايد عجز ميزان المدفوعات لدول العالم الثالث ومديونيتة ، تزايد تأثير المتغيرات السياسية في أوضاع السوق ، كل هذه المظاهر وغيرها تضع منظمات الأعمال في درجة عالية من المخاطرة عند اتخاذ قرارات بالاستثمار أو عند اتخاذ قرارات إستراتيجية بعيدة المدى ، لذلك كنتيجة للتحديات الآنفة الذكر ، لا  بد أن تتغير عمليات الإدارة الإستراتيجية أو تعمل تعديلات مستمرة على خطط وسياسات الإدارة .
كما تفيد الإدارة الإستراتيجية في تنمية التفكير الاستراتيجي لدى المدراء وتحديد الخصائص التي تميز المنظمة عن غيرها من المنظمات المنافسة ، وتمنح إمكانية امتلاك الميزة التنافسية وتخصيص الموارد المتاحة وزيادة الكفاءة الفاعلية .
3- تطور مفهوم الإدارة الإستراتيجية
 ترجع جذور الإستراتيجية إلى الأصل الإغريقي والتي تعني " فن الحرب " ونقل هذا المصطلح إلى حقل الإدارة سيعني " فن الإدارة أو القيادة " ، وقد بدأ تطبيق مفهوم الإستراتيجية في ميدان الأعمال عام 1951 عندما أشار نيومان إلى أهمية الإستراتيجية في التخطيط للمشروع الاقتصادي ، وفي الستينات وضعت الأسس الرئيسية لمفهوم التخطيط الاستراتيجي ، ويحتل العمل الرائد لـ أندروز مكانة بارزة في تشكيل حقل الإدارة الإستراتيجية وقد ساعده في ذلك كتاب آخرون ، مما أدى ذلك إلى ظهور نماذج تحليل محفظة وفي مقدمتها مصفوفة جماعة بوسطن الاستشارية ومصفوفة جنرال اليكتريك ونموذج ماكينزي ، وفي مطلع الثمانينات قدم مايكل بورتر نموذجه ، حيث اهتم بتحليل الميزة التنافسية والاستراتيجيات التنافسية التي تسعى إلى تحقيق الميزة التنافسية المتواصلة ، وفي بداية عقد التسعينات ظهرت مفاهيم جديدة مثل مفهوم الكفاءة المحورية والمنافسة على القدرات ومدخل الموارد وغيرها غيرت اتجاه تطبيق استراتيجيات الأعمال من خلال التركيز على المهارات والموارد التنظيمية وعلى كفاءة الإدارة في إدارة وتوجيه الموارد .
4-  مستويات الإدارة الإستراتيجية
    تتكون الإدارة الإستراتيجية من ثلاثة مستويات :
أ‌-  الإدارة الإستراتيجية للمنظمة
في هذا المستوى تتولى الإدارة الإستراتيجية عملية تخطيط كل الأنشطة المتصلة لصياغة رسالة المنظمة وتحديد الأهداف الإستراتيجية وحشد الموارد اللازمة وصياغة الخطة الإستراتيجية .
ب‌-  الإدارة الإستراتيجية في مستوى وحدات الأعمال الإستراتيجية
تتولى الإدارة الإستراتيجية في هذا المستوى صياغة وتنفيذ الخطة الإستراتيجية الخاصة بكل وحدات الأعمال يعني تكون الإدارة الإستراتيجية مسئولة عن تخطيط وتنظيم كل الأنشطة الخاصة بالخطة الإستراتيجية للوحدة واتخاذ القرارات اللازمة لتنفيذها .
ج- الإدارة الإستراتيجية في المستوى الوظيفي
  يعني يوجد خطة إستراتيجية للتسويق وخطة إستراتيجية للأفراد وخطة للإنتاج ... حيث تتولى كل خطة عملية تقييم السياسات والبرامج والإجراءات الخاصة بتنفيذ كل وظيفة من دون الدخول في تفاصيل الإشراف المباشر على الأنشطة اليومية لهذه الوظائف .
5-  نموذج عملية الإدارة الإستراتيجية:
  يستند هذا النموذج على مدخل النظم الذي يتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات وتغذية عكسية .
مدخلات النظام تتضمن تحديد رسالة المنظمة ، الأهداف الإستراتيجية ، المعلومات التي تنتج عن تحليل بيئة المنظمة الداخلية والخارجية ، مرحلة العمليات تتضمن تحليل عناصر القوة والضعف في البيئة الداخلية والفرص والتهديدات في البيئة الخارجية ، المفاضلة بين الاستراتيجيات البديلة واختيار الإستراتيجية الأفضل ومن ثم تطبيق الإستراتيجية ، أما المخرجات فتشمل على عملية تقييم النتائج التي تمخضت عن تنفيذ الخطة الإستراتيجية ، هذه النتائج وما تتضمنه من معلومات تعود من خلال التغذية العكسية إلى عنصر المدخلات ، وهذا العنصر " التغذية العكسية " هو الأكثر أهمية في النموذج.
 ولتجاوز عناصر الضعف الموجودة في النموذج هناك محددات يجب فهمها وهي كالتالي :
أ‌)   العمومية:
 حيث تبدأ صياغة الإستراتيجية من العام إلى الخاص حيث تتم إعادة دراسة المنظمة كنظام متكامل يعمل في سياق بيئة محددة ومن ثم الانتقال إلى تحليل الأنشطة التنفيذية للأنظمة الفرعية
ب‌)  التحليلية :
 يعتبر النموذج تحليلي أكثر منه وصفي فهو يمثل الخطوات التحليلية والمنطقية للإدارة الإستراتيجية بدون أي توصيف تفصيلي للإجراءات الضرورية لانجاز المهام والأنشطة المتعلقة بكل مرحلة رئيسية من مراحل عملية التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى .
ت‌)  الموضوعية :

أي يمكن وصف هذا النموذج بالموضوعية لأنه يرتكز على تحليل عناصر ومتغيرات البيئة كما هي في الواقع دون إضافة .
ملخص كتاب الإدارة الإستراتيجية
لمؤلفه : د. سعد غالب ياسين تلخيص  ربحي عبد القادر الجديلي عمان ، دار اليازوري للنشر ، ط1 ، 1998