الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

المبحث الأول :ماهية الاندماج المصرفي

تمهيد :

يمكن القول أن الاندماج المصرفي هو أحد النواتج الأساسية للعولمة و من ثم فهو يعتبر من أحد المتغيرات المصرفية العالمية الجديدة الذي تزايد بقوة و بشكل خاص خلال النصف الثاني من التسعينات ، و سنتناول في هذا المبحث تعريف الاندماج و دوافعه و أهم أنواعه .

 المطلب الأول : تعريف الاندماج المصرفي 1

لقد تعددت و تنوعت مفاهيم الاندماج المصرفي في مجال اقتصاديات البنوك و نجد في هذا المجال ثلاث مصطلحات و هي : الاندماج و الدمج والاستحواذ نوضحها كما يلي :
الدمج المصرفي  : يقصد به اتحاد مصرفين أو أكثر تحت إشراف حكومي أو تنظيمي رقابي من طرف السلطات النقدية .
الاستحواذ : يعني انضمام بنكين أو أكثر ، بنك كبير و آخر صغير ، و الأخير يذوب في البنك الكبير و يحمل اسمه في الغالب ، و تضاف أصول و خصوم البنك المندمج إلى أصول و خصوم البنك الدامج .
أما مصطلح الاندماج و هو المفضل استخدامه لأن هذا الأخير أصبح مبنيا على التحالف و التعاون المنافس و هو بذلك أداة تواصل للتكيف مع متطلبات التواجد و الوجود و عليه يمكن تعريف الاندماج المصرفي على أنه :  
" اتفاق يؤدي إلى اتحاد بنكين أو أكثر و ذوبانهما إراديا في كيان مصرفي واحد و يكون الكيان الجديد ذو قدرة أعلى و فعالية أكبر على تحقيق أهداف كان لا يمكن أن تتحقق قبل إتمام عملية تكوين الكيان المصرفي الجديد "، و الاندماج يعني انتقال وضع  تنافسي معين إلى وضع تنافسي أفضل و يحاول أن يحقق ثلاثة أبعاد :
·         المزيد من الثقة و الطمأنينة و الأمان لدى جمهور العملاء و المتعاملين ؛
·         خلق وضع تنافسي أفضل للكيان المصرفي الجديد تزداد فيه القدرة التنافسية للبنك الجديد و فرص الاستثمار
و إدارة الموارد و الدخل الجديد بشكل أكثر كفاءة و فعالية و إبداع ؛
·         إحلال كيان إداري جديد أكثر خبرة ليؤدي وظائف البنك بدرجة أعلى من الكفاءة و من ثم يكتسب الكيان المصرفي الجديد شخصيته .

المطلب الثاني أنواع الاندماج المصرفي

إن عمليات الاندماج المصرفي متعددة و متنوعة لتعدد الأهداف و الدوافع و فيما يلي محاولة تحليل بعض أنواع الاندماج معتمدين على معايير معينة .
أولا : الاندماج المصرفي من حيث طبيعة نشاط الوحدات المندمجة :
1.     الاندماج المصرفي الأفقي :
 يكون الاندماج أفقيا عندما يندمج بنكين أو أكثر يمارسان نفس النشاط . و يتميز هذا الاندماج بحدة الاحتكارات المصرفية و هو ما يتطلب تدخل الحكومات و التنظيمات الرقابية لضمان سيادة روح المنافسة. 1
2.     الاندماج المصرفي الرأسي :
 هو الاندماج الذي يتم بين البنوك الصغيرة في المناطق المختلفة و البنك الرئيسي في المدن الكبرى و تصبح بذلك البنوك الصغيرة امتداد للبنك الكبير.
3.     الاندماج المتنوع :
هو الاندماج الذي يتم بين بنكين أو أكثر يعملان في أنشطة مختلفة و غير مترابطة فيما بينها . و هذا يعني اختلاف الخدمات المصرفية المقدمة من كلا البنكين ، مثل الاندماج الذي يتم بين بنك تجاري و بنك متخصص. 2
ثانيا : الاندماج المصرفي من حيث العلاقة بين أطراف عملية الاندماج
1)     الاندماج المصرفي الطوعي أو الودي :
هو نوع من الاندماج  يتم من خلال تطابق الإدارة و التفاهم المشترك بين البنكين بهدف تحقيق مصلحة مشتركة .
و نشير إلى أن السلطات تشجع في كثير من الدول هذا النوع من الاندماج. 1
2)     الاندماج العدائي :
و عبارة عن اندماج لا إرادي يحدث ضد رغبة البنك المستهدف ، فيقوم البنك الدامج بعرض شراء أسهم مساهمي البنك المندمج و بأسعار أعلى من الأسعار السائدة في السوق ، و ذلك يمثل حافزا لمساهمي البنك المندمج لقبول العرض . و هذا ما يأخذ مفهوم الاستحواذ لأن إدارة  البنك المستهدف ترفض هذا العرض ، فيقوم البنك الدامج بالاستحواذ على البنك المندمج  مباشرة عن طريق شراء أسهمه من السوق المالية و الدمج العدائي لا إرادي بطبيعته يترتب عليه العديد من المنازعات بين البنوك.2
3)     الاندماج الإجباري :
يحدث هذا الاندماج نتيجة لتعثر أحد البنوك ، و يتم اللجوء إليه بصفة استثنائية طبقا لظروف تحددها السلطات النقدية للدولة من أجل خدمة الاقتصاد الوطني عموما و الجهاز المصرفي خصوصا . و هو يستعمل كملجأ أخير لتنقية الجهاز المصرفي من البنوك المتعثرة أو تلك التي على وشك الإفلاس ، و الاندماج المصرفي الإجباري يكون مقابل قانون يشجع البنوك على الاندماج مثل الإعفاءات الضريبية أو عن طريق مد البنك الدامج بقروض مساعدة مقابل تعهده بتحمل كافة الالتزامات الخاصة بالبنك المندمج.3

المطلب الثالث : دوافع الاندماج المصرفي 1

هناك عدة أسباب تدفع البنك للاندماج نذكر منها ما يلي :
v     الاستفادة من وفورات الحجم لأن اندماج بنكين ينتج عنه بنك يعمل بتكاليف أقل من مجموع تكاليف كل بنك على حدى و بكفاءة أعلى ، أو بفكرة زيادة الكل عن الجزيئات المكونة له أي ( 2+2 ) = 5 مما يؤدي إلى تحسين الربحية و زيادة القدرة التنافسية ؛
v     تنويع محفظة التوظيف و ذلك  نتيجة تجميع الموارد التي تتيح مدى أكبر من التوظيف مما يؤدي إلى تخفيض المخاطر المصرفية و تأمين تدفق الإيرادات ؛
v     الإستفادة من المزايا الضريبية فعند قيام البنك الدامج بشراء بنك يعاني من خسائر فإن تكفل البنك الدامج بالبنك المندمج يمنحه مزايا ضريبية ؛
v     ضعف الإدارة فقد يكون الدافع من وراء الاندماج هو اعتقاد إدارة البنك الراغب في الشراء أن أداء البنك المستهدف أقل مما ينبغي و أنه لو تم الاندماج يتحسن الأداء مما يترك أثر إيجابيا على ملاك البنك المشترى ؛
v  يعتبر التوسع بشراء بنوك قائمة أفضل الطرق للنمو و التوسع فغالبا ما يكون للبنك القديم ( المستهدف ) عملاؤه و حصته في السوق في حين أن فتح فرع جديد يحتاج إلى الجهد و الوقت للوصول إلى عملاء جدد؛
v  تفادي المصاعب المالية أو التصفية  فقد تلجأ بعض البنوك إلى الدمج مع بنوك قوية نظرا لعدم قدرتها على تأمين تغطية الزيادة الجديدة لرأس المال الذي فرضته السلطات النقدية ، أو لعدم تمكنها من المنافسة ؛
v     سياسة الإصلاح الاقتصادي و التحول إلى آليات و اقتصاديات السوق التي أدت إلى زيادة حدة المنافسة بين البنوك و بالتالي السعي إلى الاندماج المصرفي لزيادة قدرتها التنافسية ؛
v           تحرير تجارة الخدمات المصرفية ضمن منظومة تحرير تجارة الخدمات و تطبيق معايير كفاية رأس المال.




1 – د عبد المطلب عبد الحميد ، العولمة و اقتصاديات البنوك ، ( الدار الجامعية ، الرياض ، 2000 ) ، ص ص 153- 156 .
1 – د خليل الهندي ، أنطوان الناسف ، العمليات المصرفية و السوق المالية – دمج المصارف - ، الجزء الثالث ، ( المؤسسة الحديثة للكتاب ، لبنان ، 2000 ) ، ص 11 .
2 – مبروك رايس ، العولمة المالية و انعكاساتها على الجهاز المصرفي الجزائري ، دراسة حالة الجزائر ، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم الاقتصادية ، جامعة بسكرة ، 2005 ، ص 70 .
1 – د طارق عبد العال حماد ، اندماج و خوصصة البنوك ، ( الدار الجامعية ، الاسكندرية ، 1999 ) ، ص 9 .
2 – رايس مبروك ، مرجع سابق ، ص 71 .
3 – د عبد المطلب عبد الحميد ، مرجع سابق ، ص 164 .
1 – د عبد المطلب عبد الحميد ، مرجع سابق ، ص ص 166- 168 .