تمهيد :
يمكن القول أن صنع قرار الاندماج يقوم على آليتين أساسيتين هما تقييم
البنوك المندمجة و تحديد سداد قيمة البنك المندمج و من ثم الوصول أثناء مرحلة
التفاوض على الاندماج المصرفي إلى اتخاذ قرار الاندماج الرشيد
المطلب الأول : طرق تقييم البنك بغرض الاندماج
توجد العديد من الأدوات و الأساليب الفنية يقدمها علم
التمويل بشأن تقيم البنوك ، و لكن السعر يتم الوصول إيه من خلال عملية التفاوض ،
أي أن الأساليب التي سيأتي ذكرها الآن لتحديد قيمة البنك المندمج تقدم الحدود
الدنيا و القصوى لتحديد سعر البنك المندمج و من أهم الطرق نذكر :
ترتكز القيمة الدفترية لحقوق
الملكية على القيم الموجودة في ميزانية البنك .
القيمة الدفترية لحقوق الملكية = القيمة الدفترية للأصول – القيمة الدفترية
للخصوم + العلاوة الدفترية
للسهم
بحيث
: العلاوة الدفترية للسهم = سعر السهم السوقي – القيمة الدفترية
القيمة الدفترية
و يتم قسمة القيمة الدفترية لحقوق الملكية على عدد
الأسهم المتداولة لإيجاد القيمة الدفترية للسهم الواحد و مقارنتها بقيمة السهم
للبنك الدامج .
سعر السهم السوقي للبنك المستهدف
بحيث أن نسبة الاستبدال = سعر السوق لسهم البنك الدامج
و يمكن أن تختلف القيمة السوقية للأصول و الخصوم عن
تلك التي تظهر في القوائم المالية الدفترية و لهذا
قاموا باحتساب علاوة القيمة الدفترية المعدلة و التي
تعالج أخطاء القياس السابق ، وربما تكون القيمة الدفترية
المعدلة أكبر أو أقل من القيمة الدفترية.
و في هذه الطريقة يتم التركيز على أرباح الأسهم و يتحدد سعر السهم للبنك
المستهدف بالاعتماد على عمليات اندماج ناجحة لأنواع مماثلة من البنوك .
ربحية السهم للبنك المستهدف لعملية الاندماج
سعر السوق للسهم
ربحية السهم للبنك المستهدف لعملية الاندماج
|
سعر
السهم السوقي = *
|
ربحية السهم الواحد
بحيث :
مضاعف ربحية السهم = سعر السوق للسهم
ربحية
السهم الواحد
يكتفي المقياس المستخدم للمضاعف بربحية السهم الواحد عن آخر سنة فقط ، و
لكن المقياس المناسب للربحية يجب أن يعكس تقلبات الأرباح و التي تقدم بعض المؤشرات
عن المخاطر التي تحيط بعمليات البنك .
و كذلك ربحية السهم للعام الحالي تكون مختلفة تماما عن ربحية السهم الواحد
الأعوام السابقة ، و يعمل المحللين على حل هذا المشكل باستخدام متوسط مرجح للأرباح
للسهم خلال عدة سنوات .
و بتحديد سعر السهم يتم تحديد نسبة التبادل بين سهم البنك الدامج و البنك
المستهدف بحيث :
نسبة التبادل = سعر السوق لسهم البنك المستهدف
سعر السوق
لسهم البنك الدامج
ج – التسعير وفقا لسعر السهم السائد :
و تقوم هذه الطرقة على مقارنة سعر الشراء المعروض للسهم على البنك المستهدف
مع سعره في السوق
هذا التقدير أيضا غير دقيق لأنه يفترض أن سعر السهم الجاري يعكس بدقة
القيمة السنوية ، ففي بعض الحالات لا يتم تداول أسهم البنك على نطاق واسع و
بالتالي فإن السعر الجاري ربما يكون متقدما و لا يعكس ظروف السوق الحالية .
و في حالة ما إذا أراد البنك الدامج تحفيز البنك المستهدف على الاندماج
يقوم برفع العلاوة ، و بالتالي زيادة عدد الأسهم ، و هذا ما يؤدي إلى إضعاف ربحية
السهم.1
المطلب
الثاني :أساليب سداد قيمة البنك الدامج
تعتبر عملية اختيار أدوات سداد قيمة البنك المندمج من
أهم المراحل في عملية التفاوض لى الاندماج ، حيث يتم اختيارها وفقا لمعايير عديدة
منا : أوضاع السيولة النقدية ، فارق الحجم السنوي بين البنك الدامج و البنك
المندمج ، آفاق نمو ربحية السهم للبنك الدامج ، و من أهم أساليب السداد ، العروض
النقدية _ مبادلة سهم بسهم _ تقديم سندات قابلة للتحول إلى أسهم .
1-
العروض
النقدية :
من مزايا العروض بالنسبة لملاك البنك المندمج هي
وضوح القيمة التي سيتم الحصول عليها ، و كذلك يزيد من السيولة النقدية لدى
البائعين بحيث يجعلهم في وضع أفضل لتغيير محفظتهم الاستثمارية لمقابلة أي فرصة
متاحة
أما عيوب ذلك بالنسبة للبائعين أهمها تجعلهم خاضعين
لضرائب الأرباح الرأسمالية التي قد تنشأ إذا كان سعر البيع أعلى من سعر الشراء .
أما بالنسبة للبنك الدامج تمثل العروض النقدية أكثر
الأساليب جاذبية لسرعة إتمام عملية الاندماج ، كذلك سيترتب على الاندماج إضافة
أصول البنك المندمج مما يساعد إلى زيادة عوائد البنك الدامج بدون زيادة عدد الأسهم
بما يعني ذلك زيادة ربحية السهم.2
2 -
مبادلة سهم بسهم
تتحدد مزايا أسلوب مبادلة سهم بسهم بالنسبة لملاك البنك المندمج في تأجيل
المحاسبة على ضريبة الأرباح الرأسمالية على الأسهم المستبدلة ، كذلك استمرارية
ملكيتهم و المشاركة في أرباح البنك الدامج بعد الاندماج ، و لكن دخول مساهمين جدد
في البنك الدامج قد يؤثر على مدى سيطرة البنك الدامج و يزداد هذا الأثر مع ضعف
الفارق النسبي بين حجمي البنكين ، كما أن زيادة العرض من عدد أسهم البنك الدامج
نتيجة المبادلة يزيد من تذبذب التوقعات و المضاربات على سعر السوق للسهم خاصة في
ظل التوقعات بانخفاض ربحية السهم نتيجة زيادة رأس المال بقيمة الأسهم المستبدلة.
3 - السندات القابلة للتحويل :
الشروط
و الحقوق الواردة في السند القابل للتحويل هي ذاتها في السندات العادية ، لكن حامل
السند القابل للتحويل ينظر إليه كمساهم و كحامل لسند دين في آن واحد ، و يرد شرط
التحويل اعتبارا من إصدار السند حتى تاريخ استهلاكه و يتم تحديد سعر التحويل على
أساس السعر السوقي بالإضافة إلى علاوة ، و يكون عدد الأسهم التي سيتم تحويلها حاصل
قسمة قيمة السند على سعر التحويل و عند التحويل لن يقوم حائز السند بتقديم نقود و
لكن سيقتصر الأمر على مبادلة السند بالسهم .
و تتحدد مزايا هذا الأسلوب في توفير الظروف المناسبة لإصدار أسهم جديدة ،
فقد تكون أوضاع السوق لا تسمح بذلك و لكن عند تحسين ظروف السوق خاصة عند زيادة
ربحية السهم ينعكس ذلك على إرتفاع سعر السهم و بالتالي يصبح السند قد حل ميعاد
تحويله لسهم عادي.1
المطلب
الثالث : تجارب الاندماج المصرفي
1 – تجارب الاندماج عالميا :
إن عملية الاندماج المصرفي لا تشمل
فقط الاندماجات بين البنوك الصغيرة و الكبيرة ، كما لم تقتصر على البنوك داخل حدود
الدولة بل امتدت لتتم عبر الحدود بين البنوك في دول مختلفة .
و من أهم الاندماجات التي تمت نذكر :
-
في عام 1998 تم الاندماج بين شركتين أمريكيتين في الخدمات المالية هما شركة
" ستيكورب " و مجموعة " كرافلزجورب " للخدمات المالية و تم
الاندماج تحت اسم " سيتي جروب بنك " تهدف إلى تقديم خدماتها لأكثر من
100 عميل في 100 دولة .1
و إذا كانت عمليات الاندماج المصرفي قد شملت العديد من الدول المتقدمة مثل
الولايات المتحدة الأمريكية و ألمانيا و فرنسا و غيرها فقد امتدت إلى الكثير من
الدول النامية حيث شملت الدول الأسيوية مثل إندونيسيا و كوريا الجنوبية و غيرها
.
2 - الاندماج المصرفي عربيا :
الجدول التالي يوضح حالات الاندماج عربيا :
سنوات الاندماج
|
الدولة
|
عدد حالات الاندماج
|
البنك المندمج
|
البنك الدامج
|
93 / 99
|
لبنان
|
23 حالة اندماج
|
عدة بنوك
|
عدة بنوك
|
91 /
99
|
مصر
|
17 حالة اندماج
|
عدة بنوك
|
عدة بنوك
|
98
|
الأردن
|
حالة واحدة
|
الشركة الأردنية للاستثمارات
|
بنك فيلا و لبنان للاستثمار
|
94
|
سلطنة عمان
|
حالة واحدة
|
البنك الأهلي العماني
|
بنك مسقط
|
98
|
سلطنة عمان
|
حالة واحدة
|
بنك عمان و البحرين و الكويت
|
بنك عمان التجاري
|
98
|
تونس
|
حالة واحدة
|
بنك تونس للاستثمارات
|
الاتحاد الدولي للبنوك
|
98
|
المغرب
|
حالة واحدة
|
البنك الشعبي المركزي
|
مجموعة البنوك الشعبية
|
97
|
السعودية
|
حالة واحدة
|
البنك القاهرة السعودي
|
البنك السعودي التجاري المتحد
|
99
|
السعودية
|
حالة واحدة
|
البنك السعودي المتحد
|
البنك السعودي الأمريكي
|
99
|
البحرين
|
حالة واحدة
|
البنك السعودي العالمي
|
بنك الخليج الدولي
|
المصدر : د عبد المطلب عبد الحميد ، العولمة و
اقتصاديات البنوك ، ( الدار الجامعية ، الرياض ، 2000 ) ، ص 198 .
يلاحظ من خلال الجدول السابق 23 حالة اندماج في لبنان
و بالتالي فإنها أكثر الدول العربية في حالات الاندماج المصرفي ، و في المرتبة
الثانية مصر ب 17 حالة اندماج ، و حالتي اندماج في كل من سلطنة عمان و السعودية و
خلال الثلاث سنوات الماضية حدثت 16 عملية اندماج مصرفي ، إلا أن الحجم النسبي لا
يزال ضئيلا مقارنة بعمليات الاندماج العالمي و محصورة داخل البلد الواحد .
المطلب الرابع : واقع الجزائر في الاندماج المصرفي
إن كان
الاندماج المصرفي طبق في بعض الدول العربية خاصة في لبنان و مصر ، فإن الجزائر لم
يطبق لحد الآن و ذلك نظرا لأن البنوك العمومية تسيطر على معظم تمويل النشطات و بالتالي قلة المنافسة بالإضافة إلى ضعف
اسوق المالية النشطة التي تساعد و تساهم في ترويج و بيع الاسهم ، أما البنوك الخاصة
لم ترقى بعد إلى المستوى المطلوب إما لأنها تقوم بعملية التمويل في النشطات ذات
الربح السريع و من ثم لا تحتاج إلى منافسة ، أو لأنها تريد منافسة البنوك الأخرى و
لكنها لا تقدر نظرا لقلة مواردها المالية و ضعف المستوى الفني و التكنولوجي و غياب
التنظيم الإداري السليم ، و منه لا مناص من مواكبة العولمة المصرفية بتطبيق
الاندماج المصرفي .
و لهذا نقدم بعض الاقتراحات التي يمكن أن تساعد الجهاز المصرفي الجزائري في
عملية الاندماج بصفة خاصة و بالتالي تعزيز المنافسة :
1 – تدعيم خوصصة البنوك في الجزائر تحت ضوابط صارمة تحددها السلطات النقدية
.
2 – ضرورة الاهتمام بتقوية قاعدة رأس المال للبنوك و زيادة حجم أصولها و هو
ما يمكن أن يتحقق من خلال الاندماج المصرفي .
3 – إن الاندماج المصرفي ينبغي أن يؤدي إلى التحول نحو البنوك الشاملة التي
تقدم كافة الخدمات التي تقدمها البنوك التجارية و البنوك المتخصصة و الاستثمارية
من خلال بنك واد و ذلك خطوة مهمة من أجل مواجهة المنافسة المصرفية العالمية . 1
4 – ضرورة تقوية بنك الجزائر و دعمه من حيث القدرة الإشرافية و التنظيمية و
الرقابية على الجهاز المصرفي لا سيما البنوك الخاصة .
5 – السماح بدخول مؤسسات مالية غير مصرفية في مجال الخدمات المصرفية
لمنافسة البنوك التقليدية ، سوف ينعكس على تطور الجهاز المصرفي بصفة عامة و بخلق
ديناميكية بين النوعين .
6 – تشجيع التوسع في عمليات الاندماج المصرفي فيما بين الجزائر و الدول
العربية و الأفريقية و ذلك من أجل خلق قاعدة مصرفية لمواجهة منافسة البنوك
الأجنبية .
و بصفة عامة يتم الاندماج في الدول العربية في حالة الإفلاس فقط و هذا
للحفاظ على موارد المودعين و توازن الاقتصاد الوطني . و لكن يبقي السبيل أمامها
لتتم اندماجات بين بنوك محلية و أجنبية و هذا ما قد يسمح برفع مستوى أداء السوق
المصرفية العربية و اكتساب قدرة تنافسية تضغط على البنوك المحلية لتحسين كفاءتها و
نشاطها . 1