الأربعاء، 12 مارس 2014

الفصل الثاني : الدراسات السابقة


1-1 الدراسات السابقة:             الرجوع الى الفهرس
يصف الجارحي (1981)([1][1]), النظام الاقتصادي السائد أنه نظام يتمركز على الإقراض,كما أن عملية إصدار النقد في ذلك النظام يقوم على قاعدة اقراضية,  أي أن المصرف المركزي يصدر النقد الذي تقوم الدولة باقتراضه, كما أن المصارف التجارية تخلق نقدا في شكل ودائع تقرضها للجمهور مما يؤثر على آلية التوقعات السعرية وتكريس معدل الربا على السندات الحكومية بصفته "سعرا للفائدة".
وقد خلص الباحث إلى أن السلطة النقدية في نموذج الاقتصاد اللاربوي تستطيع أن تغير من عرض النقود باستخدام أدوات إسلامية تتمثل في الودائع المركزية,(وهو مجموع الودائع التي يقوم البنك المركزي بايداعها في لدى البنوك التجارية )تداول شهادات الودائع المركزية بطريقة مشابهة لأداة السوق المفتوحة, بدلاً من نسبة الاحتياطي المقرر, أو سعر الخصم (الربوي) . وأن قلة عدد أدوات  السياسة النقدية في النظام اللاربوي لا يجب أن تؤخذ على أنها من مساوئ النظام فالعبرة ليست بعدد الأدوات المتاحة للسياسة النقدية , ولكن بمدى الحاجة إلى استخدامها.وأن السياسة النقدية في هذا النظام مقيدة بشكل فعال بمعدل التضخم فيجب على المصرف المركزي أن يتأكد من أن أي توسع نقدي يقوم به,لا يؤدي إلى تضخم سعري يلغي معظم آثاره أو كلها على حجم الأرصدة الحقيقية.وهذا يعني أن الاستقرار الاقتصادي ليس مجرد هدف تستخدم أدوات السياسة النقدية لتحقيقه وإنما الاستقرار الاقتصادي هو شرط ضروري لاستخدام أدوات السياسة النقدية.
في دراسة لمحمد(1996)([2][2]), أن السياسة النقدية تواجه صعوبة حيث أن معالجة الكساد في الاقتصاد يدعو السياسة النقدية إلى خفض سعر الفائدة  من أجل تشجيع الاستثمارات ,وسعر الفائدة كظاهرة نقدية يتحدد سعره عن طريق عرض وطلب النقود لذلك تلجأ السياسة النقدية إلى زيادة عرض النقود.ولكن زيادة كمية النقود تؤدي إلى تسارع التضخم . يؤكد أن السياسة النقدية الوضعية قامت على أساس ثوابت مؤسسة الربا ,لهذا كان الربا من أهم أدواتها , وهذا تسبب في استفحال ظاهرة التضخم , ونشط وراءه دوافع المقامرة على الربا وعلى التضخم بين الحاضر والمستقبل.  ثم يؤكد أننا أمام مطلب عالمي محدد, يدعو للتخلي عن النظام الرأسمالي , والخروج من غبار نظامه, والتطلع إلى اكتشاف أدوات اقتصادية جديدة.
كما أشار الناقة(1998) ([3][3]), أنه يترتب على عمليات الشراء من السوق المفتوحة زيادة القاعدة النقدية (M1) , كما أن البيع في السوق المفتوحة يترتب عليه انخفاض القاعدة النقدية. كما أن القاعدة النقدية تتغير مع التغير في كمية القروض المخصومة (الاحتياطيات المقترضة), وبناء على هذا أمكن تقسيم القاعدة النقدية إلى عنصرين أساسيين هما: القاعدة النقدية الغير مقترضة ( وهي القاعدة النقدية مطروحا منها الاحتياطات المقترضة ) ومصدرها عمليات السوق المفتوحة وهذه تكون تحت سيطرة السلطة النقدية . والعنصر الثاني هو القاعدة النقدية المقترضة وهنا تكمن المشكلة حيث أن هذا العنصر لا يخضع لسيطرة السلطة النقدية لأن قرارات البنوك هي التي تحدد حجم تلك القروض.
كما أن هناك مشكلة أخرى تواجه السياسة النقدية هي إمكانية تعارض الأهداف التي تسعى السياسة النقدية إلى تحقيقها فعمليات الشراء من السوق المفتوحة تسبب زيادة في القاعدة النقدية ,ومن ثم زيادة المعروض النقدي ,وهذا قد يرفع  معدل ارتفاع المستوى العام للأسعار أي يثير التضخم.وفي حالة خفض معدل نمو المعروض النقدي للسيطرة على التضخم فإن كلا من سعر الفائدة ومعدل البطالة سيزيد.
كما خلص الكاتب إلى أن التضخم المرتفع هو دائما وفي كل الأحوال ظاهرة نقدية بمعنى أنه لا يمكن أن يحدث بدون معدل مرتفع لنمو كمية النقود , وهناك سببان تقف وراء حدوث السياسة النقدية التضخمية والسببان هما, تمسك صانع السياسة الاقتصادية بهدف عمالة مرتفع ووجود عجز في الميزانية العامة للدولة.
وفي دراسة الجارحي(2002)([4][4]), ذكر أن النظرة الرأسمالية للفائدة تعتمد على ركيزتين, الأولى أنهم لا يرون ضيراً من الناحية الأخلاقية من التعامل بالفائدة . والثانية أن النظام المصرفي السائد والمبني على الفائدة مقبول على علاته, ولذلك فإن الوصول إلى سعر فائدة مساويا للصفر يتطلب سياسات نقدية مناسبة , دون المساس بالهيكل المؤسسي, وبالتالي يمكن القول أن الاقتصاديين الغربيين يقبلون التحليل الذي ينتهي إلى وجود سعر فائدة يزيد عن الصفر  يضر بكفاءة الاقتصاد , ويبحثون عن السياسات النقدية التي يمكن أن تقود إلى خفض سعر الفائدة إلى الصفر. وخلال ذلك لا يلقون بالاً إلى التركيب المؤسسي للاقتصاد , وإمكان تغييره للوصول إلى نفس الغرض .
كما ذكر أنه يمكن النظر إلى السلطة النقدية كمؤسسة لإنتاج وسيلة التبادل. تلك الوسيلة ليست مجرد النقود المصدرة, وإنما ما تحمله من قوة شرائية مستقرة تقنع المتعاملين باستخدامها.هذا الإنتاج هو قيمة الأرصدة الحقيقية للنقود, وهذا يجعل السلطة النقدية مسئولة عن القيمة الحقيقية للنقود, والتي هي المؤشر الوحيد لنوعية النقود ومدى جودتها. وبالتالي فهي مسئولة عن مستوى الأسعار, ولذلك فإن نجاح السلطة النقدية يمكن أن يقاس بمدى قدرتها على زيادة الأرصدة الحقيقية.وهذا لا يكون إلا بأن يرتبط كل توسع نقدي بنسبة أقل من الارتفاع في الأسعار. ونظراً لأن تمويل العجز في الميزانية الحكومية من أهم مصادر التضخم,فإن المصارف المركزية في كثير من البلدان اختارت الإقلال من اللجوء إلىيه, وللمحافظة على استقرار الأسعار, يقوم المصرف المركزي بالموازنة الدقيقة بين معدل التوسع النقدي ومعدل النمو الاقتصادي,بحيث يكفي التوسع النقدي لتمويل الزيادة في النشاط الاقتصادي المرتبطة بالنمو ,لا أكثر ولا أقل , وبالتالي ينتفي التضخم تماماً.
ذكر سيجل(1987)([5][5]), أنه لا تستطيع السلطات النقدية التلاعب مباشرة بالناتج القومي أو مكوناته الجزئية. وبدلا من ذلك عليها محاولة تحقيق أهدافها النهائية بتوجيه الأدوات السياسية للتأثير على المتغيرات التي تؤثر بدورها على الناتج القومي الإجمالي والتي تسمى بالأهداف الوسيطة لأن السياسة النقدية والائتمانية تخبرنا أن بقدرة البنك المركزي التأثير على قيمة هذه الأهداف , واعتقاد البنك المركزي أن باستطاعة هذه الأهداف الوسيطة تحريك الناتج القومي بالاتجاه المرغوب فيه. يعتقد النقديون أن التحكم في معدل نمو عرض النقود هو أفضل الطرق للتأثير على الطلب الفعلي على السلع والخدمات . أما الكينزيون فينصب تركيزهم على الأوضاع الائتمانية وأسعار الفائدة. لذلك  وبالرغم من اتفاق المدرستين على أن التباين في معدل نمو الناتج القومي يتأثر بالتباين في الطلب الفعال,إلا أنهما يختلفان حول الأهمية النسبية لمتغيرات الأهداف الوسيطة .
كما يؤكد أن استخدام أسعار الفائدة كهدف وسيط بشكل متطرف سيؤدي إلى التخلي الكامل عن أية إستراتيجية للسياسة النقدية . أن البنك المركزي استخدم أدواته للحفاظ على ذبذبات أسعار الفائدة ولم يترك لقوى السوق الحرية الكاملة في تحديد سعر الفائدة وقد أدى استخدام أسعار الفائدة كهدف إلى حركة غير متوقعة وعكسية في الاحتياطات والمجاميع النقدية . ولن تتلاشى هذه الأخطاء إلا إذا تم التخلي كلياً عن أسعار الفائدة كهدف.
يشير فهمي (2006) في دراسته لأدوات السياسة النقدية أن هيمنة البنك المركزي على السوق النقدي التقليدي و قدرته على توجيه مسار السياسة النقدية بطريقة فعالة إنما يتوقف على عدد من العوامل من أهمها قدرة البنك المركزي كسلطة نقدية في استخدام أدوات هذه السياسة للتأثير بطريقة سريعة  على تكلفة عمليات الإقراض التي تقوم بها البنوك التجارية,بحيث يكون البنك المركزي هو المستهل لعملية التغيير, وقائداً وموجهاً لمسارها وفي الوقت الذي يشاء هو لا البنوك التجارية , قدرة البنوك التجارية بما لديها من مركز احتكاري في السوق النقدي, على نقل الآثار المترتبة على تغيير تكلفة عمليات الإقراض إلى عملائها في أسرع وقت ممكن وبالشكل الذي يحقق أهداف السياسة النقدية.وقد خلص الباحث إلى أن إحكام سيطرة السلطات النقدية على المعروض النقدي وتهيئة المناخ الملائم لإدارة الاقتصاد الإسلامي , والسياسة النقدية بصفة خاصة في البلدان الإسلامية , واستخدام الأدوات النقدية المتاحة بدرجة عالية من الكفاية لابد وان تأخذ في اعتبارها ضرورة إعادة النظر في الهيكل المصرفي والنقدي الحالي,ومن أهم التدابير التي تقوم بها الحكومة لرفع كفاءة المسار الاقتصادي للدولة بصفة عامة أو لقطاع اقتصادي معين هي التدابير الهيكلية والتي يمكن تقسيمها إلى تدابير اقتصادية وتدابير شرعية . أما الاقتصادية منها فيقصد بها زيادة درجة استجابة الاقتصاد للصدمات الخارجية وظروف السوق المتغيرة, مع خلق المناخ المناسب الذي تتفاعل داخله المتغيرات الاقتصادية للدولة, بما يمكن معه التغلب على معوقات النمو. أما التدابير الشرعية فيقصد بها إخضاع كافة أنواع المعاملات بين الناس إلى أحكام الشريعة الإسلامية بحيث يكون ميزان الاعتبار في ذلك هو تحقيق المقاصد العامة التي قصدها الشارع الحكيم من تلك الأحكام وهي جلب المصلحة ودرء المفسدة.
وفي دراسة لشابرا (1990) ([6][6]) , خلص إلى أن غياب بعض الوسائل التقليدية للسياسة النقدية لا يطرح أي مشكلة جدية في إدارة السياسة النقدية , بشرط أن يكون توليد النقود ذات الطاقة العالية منظماً تنظيماً ملائماً عند المنبع . ويستلزم ذلك بالضرورة  في النظام الإسلامي,كأي نظام آخر, اعتبار التعاون بين المصرف المركزي والحكومة أمراً لابد منه . فإذا لم تصمم الحكومة على تحقيق الاستقرار في الأسعار  باعتباره هدفاً من أهداف السياسة لا يمكن الاستغناء عنه, ولم تنظم إنفاقها تبعاً لذلك , فمن المستحيل أن تكون لها سياسة نقدية فعاله. وبمجرد تنظيم النقود ذات الطاقة العالية عند المنبع, فإن التعديلات الطفيفة التي تدعو إليها الضرورة, نتيجة للظروف الاقتصادية المتغيرة, أو لأخطاء التنبؤ,يقوم بها المصرف المركزي مستخدماً كل الوسائل الموضوعة تحت تصرفه.                                                          
وقد ذكر الكفراوي (2001) ([7][7]), أنه بالرغم من الانتقادات التي وجهت إلى أدوات السياسة النقدية وأن بعضها عجز عن أداء دوره في التأثير على كمية النقود المتداولة كما أن بعضها لا تقره الشريعة الإسلامية مما يجعلنا نقول بأن هذه السياسة أصبحت مكملة للسياسة المالية وتعطي آثارها من خلالها وخاصة في الاقتصاديات التي لا تتدخل فيها الدولة إلى حد امتلاك عوامل الإنتاج الرئيسية في المجتمع أو السيطرة عليها وعلى الوحدات المصرفية .أما في الدول التي تمتلك مقدرات اقتصادها الوطني فلا يمكن القول بهامشية السياسة النقدية بها , بل يمكن للدولة ربط دور النقود بالظواهر الاقتصادية وهذا من شأنه أن يؤكد فاعلية السياسة النقدية والجهاز المصرفي كعناصر مؤثرة ومتأثرة بالنشاط الاقتصادي في هذه الدول .
أما فيما يتعلق بمؤسسات النظام النقدي الإسلامي، قطب([8][8]) فقد ذكرت في دراستها التي تناولت دور عمليات المرابحة في تمويل تجارة البنك الإسلامي إن تنمية العمل البنكي الإسلامي على مستوى الدول الإسلامية, وإحلاله محل النشاط المصرفي الربوي, سوف يسهم في كسر حلقة التبعية للعالم الخارجي؛ وذلك بتنمية الأنشطة الأكثر ملائمة لظروف التنمية الاجتماعية, ودون الوقوع في الديون الربوية وأعبائها الثقيلة.
وقد كان من ضمن التوصيات الذي ذكرها الباحث: أنه على المدى الطويل فإن قوة النشاط المصرفي الإسلامي واتساعه سوف تؤكد وتضمن الاستقلال والتقدم الاقتصادي للدول الإسلامية جميعاً.
أما نصيف (1988) ([9][9]), فقد ذكر أن الاختلاف الواضح بين البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية هو في أسلوب التمويل الذي يقوم على الفوائد الربوية في الأولى, ويقوم على المشاركة في المخاطر والربح في الأخيرة, ويرى الباحث أن هذا الجانب يمكن أن يكون من أكثر الجوانب التي تستحق الدراسة, وبخاصة أنه يعمل في مصرف فيصل الإسلامي.
وقد قدم في دراسته عدد من الاستنتاجات والتوصيات كان من أهمها:
1- الاهتمام والعناية بتوفير الصيغ العملية المناسبة والفعالة لتضافر جهود الفقهاء وعلماء الاقتصاد  من المصرفيين لإيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه النظام المصرفي الإسلامي؛ مثل توفير الأدوات المناسبة لاستثمار فائض السيولة النقدية في الأجل القصير.
2- التوصية برقابة البنوك المركزية والسلطات النقدية للبنوك الإسلامية؛ وفقا للطبيعة المتميزة لمعاملاتها.
3- الحاجة إلى تعميم النظام الإسلامي المالي على مستوى العالم الإسلامي بما يمكن من المساهمة في إيجاد الحلول المناسبة للقضايا الاقتصادية المعاصرة .
4- تقديم البنوك الإسلامية لأساليب مستخدمة في التمويل؛ مثل المشاركة والمضاربة والمرابحة والإجارة.
كما أن الجارحي(2002) ([10][10]), أقترح في مقالته ـ السياسة النقدية في إطار إسلامي ـ طريقة مقترحة لتحكم البنك المركزي في حجم الكتلة النقدية في الاقتصاد؛ وذلك عن طريق الودائع المركزية التي يقوم البنك المركزي بإيداعها لدى البنوك التجارية؛ بحيث تستخدمها الأخيرة بأساليب التمويل المبنية على المشاركة في الربح. كما ذكر أنه من الممكن أيضا زيادة حجم الودائع المركزية, ومن ثم إيرادات الدولة عن طريق بيع شهادات الودائع المركزية للأفراد, أو عن طريق تطبيق المصرف المركزي نظام الاحتياطي الكلي, والذي يحد من قدرة المصارف التجارية على خلق النقود.   
وأورد الباحث في المقالة تفصيلا لمصادر التغير في معدل التوسع النقدي؛ فذكر أن معدل النمو في المعروض النقدي يتغير تبعا للتغير في صافي الأصول الأجنبية؛ ما لم تلجأ السلطة النقدية إلى تعقيمها, والتغير في مديونية الحكومة, والتغير في مديونية القطاع الخاص .
وتوصل إلى أنه يمكن التأثير على هذه الأشياء؛ من خلال الأداة التي اقترحها؛ وهي الوديعة المركزية, وشهادات الودائع المركزية فعن طريق هذه الأدوات يمكن للبنك المركزي التوسع في المعروض النقدي, وزيادة السيولة, أو تخفيضها؛ إذا رأى البنك المركزي ذلك. 
هذا أما عن التجارب التطبيقية  فقد ذكر مجذوب (2004) ([11][11]), في دراسة عن تجربة بنك السودان أن البنك المركزي استطاع أن يحدث بعض الأدوات المالية, ويطورها بما يجعلها صالحة للاستخدام؛ في إطار السياسة المعروفة بسياسة السوق المفتوحة, وترتكز هذه الأوراق على أسس شرعية خالية من الربا؛ حيث اعتمدت على صيغ المشاركة والمرابحة والمضاربة والسلم.
وقد أنشئت هذه الأدوات بموجب تصكيك ( توريق ) بعض الأصول المملوكة لبنك السودان أو الحكومة, وأصبحت أوراقاً مالية (شهادات) قابلة للتداول في أسواق المال؛ وهي شهادات مشاركة البنك المركزي (شمم) وتستخدم هذه الشهادات في إدارة السيولة, وتحقيق أهداف السياسة النقدية. إضافة إلى شهادة مشاركة الحكومة (شهامة) والتي تهدف إلى تمويل الإنفاق الحكومي عن طريق تصكيك بعض الأصول الجامدة ,كما تهدف إلى إيجاد أداة مالية تمكن البنك المركزي من إدارة السيولة في الاقتصاد.غير أن مشكلة هذه الأداة تكمن في اتجاه الدولة إلى خصخصة القطاع العام؛ مما يعني انتهاء الوعاء الذي تنشأ منه الصناديق المكونة لشهادات شهامة. كما أن ارتفاع هامش الأرباح؛ مما يعني ارتفاع العبء على الخزينة العامة في تمويل الإنفاق الحكومي يمثل مشكلة أخرى لهذه الأداة.
أما عن الهندسة المالية الإسلامية سويلم(2000) ([12][12]), فقد أورد الفرق بين الصناعة الإسلامية والتقليدية فذكر أنه على الرغم من اشتراك المدرستين الإسلامية والتقليدية في الحاجة للابتكار في وجود قيود تنظيمية, إلا أن الابتكار في الصناعة الإسلامية لا يؤدي إلى تجاوز الأحكام الإسلامية على النحو الذي يجري في الصناعة التقليدية .
وقد أوضح الباحث أن:  الصناعة المالية الإسلامية تهدف إلى إيجاد منتجات وأدوات مالية تجمع بين المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية؛ فالمصداقية الشرعية هي الأساس في كونها إسلامية, والكفاءة الاقتصادية هي الأساس في قدرتها على تلبية الاحتياجات الاقتصادية, ومنافسة الأدوات التقليدية. وأن هاتين الخاصتين: المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية , ليستا منعزلتين بعضهما عن بعض, بل في غالب الحالات نجد أن البحث عن الكفاءة يؤدي إلى حلول أكثر مصداقية, والعكس صحيح.
أما الجلي(1996)([13][13]) ,  فقد عرف مفهوم الهندسة المالية على أنه يرجع إلى توليد }خلق{أدوات أو أوراق مالية جديدة. و يرى أن من أهم العوامل التي ساعدت على ظهور هذا المفهوم هي:
1-                                      ظهور احتياجات مختلفة للمستثمرين وطالبي التمويل.
2-                                      تطور تقنية المعلومات وانخفاض تكلفة الاتصالات وتبادل المعلومات.
3-                                      ظهور مفهومي الكفاءة والفاعلية كمعايير تراعي عند إصدار الأدوات والأوراق المالية.
كما أشار الباحث إلى أهم أبعاد الهندسة المالية للتمويل الإسلامي والتي تتمثل في:
 أن ظهور الهندسة المالية أعطى وسوف يعطي مجالات مبتكرة متعددة ومتطورة في المستقبل. وهذا الاتجاه هو أكثر ما يحتاج إليه علماء المالية والتمويل الإسلامي وذلك للتخلص من المعاملات الربوية وإيجاد البدائل التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية من حيث المنشأ والاستمرارية والانتهاء.
كما أنه بينما تنطوي موجهات الاقتصاديات الربوية على تقليل تكلفة المعاملات وتقليل أو إبعاد المخاطر لجهات أو أطراف أخرى في المعاملات. فإن الموجه الأساسي في الاقتصاد الإسلامي هو مبدأ مقاسمة المخاطر وليس بالضرورة إبعادها لجهة أو طرف آخر.
هذا وقد ذكر صالح(2006)([14][14]) أهمية الهندسة المالية كأداة مناسبة لإيجاد حلول مبتكرة وأدوات مالية جديدة تجمع بين موجهات الشرع الحنيف واعتبارات الكفاءة الاقتصادية. وفي هذه الفترة التي تشهد تغيرات جذرية هائلة تتمثل في تغير أسلوب إدارة الموارد الاقتصادية إلى النمط الاقتصادي الحر, إلى جانب ترابط أسواق التمويل الدولية بفعل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات, فإن ذلك يفرض ضغوطا تنافسية حادة قد تكون غير ملائمة متكافئة بالنسبة للمؤسسات المالية الإسلامية, وبالذات في أسواق التمويل والخدمات المصرفية والمالية, ويستدعي ذلك تطوير منتجات مالية إسلامية.
كما ذكر يسري(2004)([15][15]) في بحثه (تطوير صيغ الاستثمار والمشكلات التي تواجهها) أن الأدوات التقليدية للتمويل الإسلامي قد نجحت بعد تطويرها الأول في إنجاز بعض أهداف المصرفية الإسلامية, ثم أن المصرفية الإسلامية عانت من الركود لأنها عجزت عن التطور بعد حقبة الثمانينيات وذلك بسب:
1-                                          أن التطور يعتمد على الابتكار أو التجديد وهذا الذي يستدعي الاجتهاد.
2-                                           لابد من فهم طبيعة التمويل الإسلامي قبل التحدث عن ضرورة تطويرها.
3-                                          إن هذه الأدوات ليست من الثوابت العقدية حيث أن تلك الأدوات كانت معروفة لدى العرب من القدم وقد أقرتها الشريعة الإسلامية لأنها كانت بعيدة عن الربا.
4-                                          إن العقبة الأساسية التي تواجه عملية تطوير تلك الأدوات تتمثل في الخلط بين الثوابت الشرعية والمتغيرات القائمة على الاجتهاد, أو معاملة الثوابت والمتغيرات على أنهما ثوابت أو التعامل مع كليهما على أنهما متغيرات.
 إذاً فإن الاتجاه الصحيح في التطوير هو التأكد من الثوابت والمحافظة عليها دون أدنى تفريط ثم بحث كيفية تطوير أو تعديل المتغيرات حتى تتلاءم مع الظروف الحالية.

  


)1) الجارحي , معبد علي, نحو نظام نقدي ومالي إسلامي : الهيكل والتطبيق, المركز العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي ,جامعة الملك عبد العزيز-جدة, ,1981,ص8-56.
   (([2][2]  محمد, يوسف كمال, المصرفية الإسلامية السياسة النقدية, دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع, 1996, ص27- 36.
(([3][3] الناقة, أحمد أبو الفتوح, نظرية النقود والبنوك والأسواق المالية , مدخل حديث للنظرية النقدية والأسواق المالية, مؤسسة شباب الجامعة,1998,ص133,389.
   ([4][4]) الجارحي, معبد علي, السياسة النقدية في إطار إسلامي, دراسات اقتصادية إسلامية , البنك الإسلامي للتنمية , المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب , المجلد التاسع, العددان الأول والثاني,2002,ص38,66,67.
   ([5][5]) سيجل, باري, النقود والبنوك والاقتصاد وجهة نظر النقديين, دار المريخ للنشر, 1987,ص310,290
  (1) شابرا, محمد عمر, نحو نظام نقدي عادل , دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام,المعهد العالمي للفكر الإسلامي,1981,ص280.
    ([7][7]) الكفراوي, محمود عوف, البنوك الإسلامية النقود والبنوك في النظام الإسلامي, مركز الإسكندرية للكتاب,2001ص398.
([8][8]) قطب, نادية عبد الرحمن , رسالة ( ماجستير ) ( دور عمليات المرابحة في تمويل تجارة البنك الإسلامي , جامعة الملك عبد العزيز بجدة1998م.
    ([9][9]) نصيف, نبيل عبد الإله , دور المصارف الإسلامية ، دراسة مقدمة للحصول على درجة الماجستير, جامعة الملك عبد العزيز بجدة1988م.
([10][10]) الجارحي, معبد علي, السياسات النقدية في إطار إسلامي, بحث منشور في مجلة دراسات اقتصادية إسلامية , المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب , المجلد التاسع(2002م)ص49-70.
([11][11])  مجذوب, أحمد , تقويم دور المصارف الإسلامية في تطوير العمل المصرفي , حولية البركة ،1425هـ , ص130- 127.
    ([12][12]) سويلم,.سامي, صناعة الهندسة المالية نظرات في المنهج الإسلامي, مركز البحوث, شركة الراجحي المصرفية للاستثمار,1421هـ-2000م,ص15.
([13][13]) الجلي, أبو ذر محمد أحمد, الهندسة المالية  العامة والأبعاد للتمويل الإسلامي , مجلة المقتصد , العدد السابع عشر 1417هـ- 1996م.
(1) صالح, فتح الرحمن على محمد, إدارة التطوير وتنمية الأعمال, بنك الاستثمار المالي, بنك السودان, العدد26.
   (1) يسري،عبد الرحمن," تطوير صيغ الاستثمار والمشكلات التي تواجهها" ، مجلة حولية البركة،مجموعة دلة البركة، العدد6 ,جدة,81-84.