الأربعاء، 12 مارس 2014

الفصل الثالث : السياسة النقدية في نظام اقتصادي إسلامي


  المبحث الأول أهداف السياسة النقدية وآثارها الاقتصادية في الفكر الكينزي   

الرجوع الى الفهرس

يشكل النظام النقدي دورا أساسيا في الاقتصاد على المستوى النظري والتطبيقي؛ وهو جزء من النظام الاقتصادي, وقد عرف الساعاتي(2006) النظام النقدي والمصرفي بأنه مجموعة الترتيبات؛ التي يعبر بها ـ ومن خلالهاـ الناس عن قيمة السلع والخدمات المتبادلة في المجتمع.([1])
ونظرا لتأثير النقود على المتغيرات الاقتصادية الكلية,فإن العوامل التي تؤثر على طلب وعرض النقود تكون في غاية الأهمية.
وتعرف النقود بأنها أي شيء له صفة القبول العام, ويستخدم كوسيلة نهائية لدفع أثمان السلع والخدمات وتسوية الديون.([2])
قبل التطرق إلى النظرية الكينزية في السياسة النقدية يتم دراسة دور النقود في الاقتصاد القومي لدى الكتاب الكلاسيك والتي تعرف  باسم نظرية كمية النقود
The Quantity Theory Of  Money)) . تقرر نظرية كمية النقود " بأن أي تغير في كمية النقود سوف يترتب عليه تغير في الاتجاه نفسه في المستوى العام للأسعار." وأن أي زيادة في الطلب النقدي سوف تؤدي إلى زيادة بالنسبة نفسها في المستوى العام للأسعار .
لقد اعتقد الكلاسيك أن الاقتصاد القومي يتوازن لأسباب معينة وعند مستوى معين؛فهو يتوازن لأسباب حقيقية عينية تتعلق بالموارد المتاحة والفن الإنتاجي والأذواق. ومن شأن هذا التوازن أن يحدد حجم الإنتاج وكيفية توزيعه بين الاستخدامات المختلفة مما يترتب عليه تحديد الأسعار النسبية للسلع والخدمات وعوامل الإنتاج . ويتوازن عند عند مستوى التوظف الكامل للموارد المتاحة في المجتمع.
عرض النقود في الفكر الكلاسيكي: لقد آمن الكلاسيك باستثناء (مالتس)بأن العرض يوجد الطلب عليه وهو مايعرف بقانون ساي للأسواق ,وأنه لاتوازن الا توازن العمالة الكاملة . وأنه عند مستوى العمالة الكاملة , فإن أي زيادة في الطلب النقدي سوف تؤدي إلى زيادة بالنسبة نفسها في المستوى العام للأسعار . وهذا منطق نظرية كمية النقود .
الطلب الكلي في المفهوم الكلاسيكي:
تشكل نظرية كمية النقود أساس الطلب الكلي في النظرية الكلاسيكية.
MV=PY                                                                                          
فإذا افترضنا ثبات الكمية المعروضة من النقود وسرعة دورانها ,فإن مستوى الأسعار سيتغير في الاتجاه المعاكس للتغير في الناتج القومي ,أي أن أي زيادة في (Y)سوف تؤدي الى انخفاض الأسعار (P) والعكس صحيح. 
M V¯=P Y¯ 
فطالما أن النقود تستخدم كوسيطا للتبادل ، وبالتالي ، تظل بالكامل في حالة تداول ،فإنه في حالة وجود  أي تغير في عرض النقود سوف يودي الى تغير في  الانفاق مساوي للتغير في M مضروبة في V التي يفترض أنها ثابته . ([3])
VMЅ/P=M/P                                                              
وبمساواة جانبي طلب وعرض النقود الحقيقية نتحصل على توازن سوق النقود الكلاسيكي.
النظرية الكينزية:
منذ صدور كتاب النظرية العامة لكينز عام 1936م, فإن الاقتصاديين عامة يميزون بين ثلاثة دوافع رئيسية للطلب على النقود؛ وهي:
1- الطلب على النقود بدافع المعاملات
2- الطلب على النقود بدافع الاحتياط.
3- الطلب على النقود بدافع المضاربة, وهذا الدافع هو الذي يميز المدرسة الكينزية عن الكلاسيكية, والتي قصرت الطلب على النقود على دافعي المبادلات.([4] )
وترى المدرسة الكينزية أن الطلب على النقود بدافع المعاملات والاحتياط يعتمد على مستوى الدخل؛ حيث إن هذا الاعتماد يتخذ طبيعة طردية؛ إذ ترتفع كمية النقود المطلوبة بدافع المبادلات وبدافع الاحتياط بارتفاع مستوى الدخل, بينما الطلب على النقود بدافع المضاربة فإنه يعتمد على سعر الفائدة, والذي يتخذ شكلاً عكسيا؛ فعند ارتفاع سعر الفائدة يشرع الأفراد في التخلص من النقود السائلة, وتحويلها إلى سندات, ليرتفع الطلب على السندات لغير صالح النقود السائلة. ويمكن تلخيص هذه العلاقات بالقول إن الطلب على النقود الحقيقية يعتمد طردياً على مستوى الدخل, وعكسياً على سعر الفائدة. ([5] )
 نعبر عن العلاقات السابقة بالدالة التالية:                   Md= f(r,y)    fy ›0   ,fr‹0
   الطلب على النقود =     Md   
سعر الفائدة = r
الدخل = y
وتقوم نظرية "كنز" على افتراض مرونة الطلب على النقود,ومرونة الإنفاق للتغير في سعر الفائدة.ويعتقد "كنز" أن تأثير سعر الفائدة محدود على الاقتصاد الحقيقي, ويرجع ذلك إلى انخفاض مرونة منحنى الكفاية الحدية لرأس المال للتغير في سعر الفائدة, كما أنه يرى أن العامل المؤثر في الاستثمار هو الربح المتوقع؛ وليس سعر الفائدة.
عرض النقود :
تعتبر الكتلة النقدية من أهم مايقع تحت سيطرة السلطة النقدية,وتقوم السلطة النقدية بتحديد الحجم الأمثل لنموها. وتهتم بالعوامل؛ التي تؤثر في حجمها.([6])
يعرف الساعاتي (2006)عرض النقود(الكتلة النقدية) , بأنه يساوي مجموع العملات النقدية
لدى الجمهور خارج النظام المصرفي ,مضافا إليها الحسابات الجارية في المصارف والاحتياطات غير المقترضة من البنك المركزي.([7])
                                                                                      عرض النقود  Ms=
                                                                            العملة لدى الجمهورCp=
                                                                                الحسابات الجارية  DD=
                                                                           الاحتياطات لدى البنوكUR=
                                                                               الاحتياطات الفائضةFR=
                                               الاحتياطيات المقترضة من البنك المركزيBR=
وعلى هذا تكون دالة عرض النقود:
Ms= a UR+ b FR(r)    f r ›0 , a ‹1,b‹1  (2)                                          
UR+BR = R= PR + FR +Cp                       (3)                                   
                                                                                             إجمالي الاحتياطيR=
                                                                                          الاحتياطي القانونيRR=
نجد أن التغير الكلي في الودائع تحت الطلب يرتبط ارتباطاً طرديا بالتغير في الاحتياطي ,ويرتبط عكسيا بالاحتياطي القانوني. ويتكون التغير في عرض النقود من التغيرات في الودائع تحت الطلب والنقود لدى الجمهور غير المصرفي . وعلى هذا فإن التغير في الأرصدة النقدية يساوي نسبة الأرصدة النقدية إلى الودائع تحت الطلب ؛ مضروبة في التغير في الودائع تحت الطلب. فيكون التغير في عرض النقود يساوي التغير في الودائع تحت الطلب ؛ مضافاً له التغير في الرصيد النقدي.([8])
Ms = DD + cD         (4)
Ms = m H
                    ( High- Powered Money )القاعدة النقدية H =  
مضاعف خلق النقود       m= 
ويتضح من التعريف السابق أن كل زيادة في القاعدة النقدية بوحدة واحدة تؤدي إلى زيادة عدد وحدات في عرض النقود. ([9])
وبتغيير القاعدة النقدية يستطيع البنك المركزي أن يغير عرض النقود.
تعتبر الكفاءة الاقتصادية الهدف الأول للنظرية الاقتصادية المعاصرة,ويسعى النظام النقدي ؛ والذي هو جزء من النظام الاقتصادي لتحقيق هذا الهدف ؛ إضافة إلى الأهداف التي تسعى السياسة النقدية إلى تحقيقها؛ والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
v               مستوى مرتفع من العمالة.
v               معدل مرتفع من النمو الاقتصادي.
v               الاستقرار في المستوى العام للأسعار.
v               الاستقرار في سعر الفائدة.
v               استقرار الأسواق المالية.
إن وجود الفائدة –كمتغير- يؤثر في طلب وعرض النقود؛ إضافة إلى إقرار المضاربة؛ كنشاط اقتصادي؛ أدى إلى إعاقة النظام النقدي التقليدي عن تحقيق هدفه الأساسي الكفاءة الاقتصادية ([10]) . وحسب النظرية الكينزية فإن التغير في العرض النقدي يترتب عليه تغير في المتغيرات الحقيقية في الاقتصاد: (العرض النقدي الحقيقي, سعر الفائدة الحقيقي, الاستثمار الحقيقي، الإنتاج الكلي, حجم العمالة, الأجر الحقيقي) فزيادة العرض النقدي الاسمي مع ثبات المستوى العام للأسعار سيؤدي إلى زيادة العرض النقدي الحقيقي. كما أن انخفاض سعر الفائدة الحقيقي يؤدي إلى زيادة الاستثمار الحقيقي ؛ مما يترتب عليه زيادة في حجم العمالة؛ وزيادة الإنتاج الكلي الحقيقي.([11])


    (1) الساعاتي, عبد الرحيم عبد الحميد, النظام النقدي والإدارة النقدية في اقتصاد إسلامي, المجلة العلمية, مركز صالح كامل, 2006, ص2.
(2) ابدجمان, مايكل, ترجمة محمد منصور, الاقتصاد الكلي النظرية والسياسة, دار المريخ للنشر,1987م ص207.
   (1) باحنشل، أسامة محمد، مقدمة في التحليل الاقتصادي الكلي ،النشر العلمي والمطابع ـ جامعة الملك سعود،1420هـ ، ص 51،58،63([3]
    (2) ابدجمان, مرجع سابق, ص235.
(1) نصر, عبد المحمود محمد عبد الرحمن, الاقتصاد الكلي النظرية المتوسطة, دار الخريجي للنشر والتوزيع ، 1417هـ, ص241.
   (1) الجارحي, معبد علي, السياسة النقدية في إطار إسلامي, دراسات اقتصادية إسلامية, المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب, البنك الإسلامي للتنمية, ص49.
(2) الساعاتي, مرجع سابق, ص6 .
   (1) ابدجمان, مرجع سابق, ص219.
(2) ابدجمان, مرجع سابق, ص 227.
   (1) الساعاتي, مرجع سابق, ص7.
(2) الناقة, مرجع سابق, ص333- 337.