الأربعاء، 12 مارس 2014

المبحث الثاني أدوات السياسة النقدية وكيفية تحقيق أهدافها العامة



المبحث الثاني) أدوات السياسة النقدية وكيفية تحقيق أهدافها العامة والوسيطة والنهائية  (Instruments Of Monetary Policy)
يتكون هذا المصطلح من ثلاث كلمات هي : أدوات , سياسة , نقدية . والكلمة الأولى من هذا المصطلح عرفها فهمي(2006) : بأنها الآلات أو الوسائل؛  وهي ما يستخدم للإعانة على إنجاز شيء ما.
وأما كلمة "السياسة" فمعناها اللغوي: ساس الأمر؛ أي قام به. فالسياسة: القيام على الشيء بما يصلحه ([1]). أما إذا أطلقت - من الناحية الاقتصادية - فيقصد بها: التدابير والإجراءات الموضوعية؛ بغية تعظيم أهداف معينة, وينطبق هذا المفهوم على جميع الوحدات الاقتصادية؛ فإذا ما أريد تخصيصه لمفهوم السياسة الاقتصادية للدولة, فيكون:هو التدابير والإجراءات؛ التي تتخذها السلطات الحكومية؛ لتحقيق المصلحة العامة؛ وذلك من خلال تعظيم أهداف محددة. ([2])
أما كلمة "نقدية" فهي مأخوذة من كلمة: "نقود" ويقصد بها : أي شيء يقوم بدور الوسيط في التبادل , ومقياس للقيمة, ووحدة للتحاسب .
وقد أضيفت الكلمة للمصطلح لتخصيص مجال استخدامها ؛ وهو إدارة حجم المعروض النقدي في الدولة. ([3])

إن اعتماد السياسة النقدية أداة معينة أو أكثر من أدواتها يعتمد على الكيفية؛التي تعتمدها السياسة النقدية في تحقيق أهدافها؛ فهي - في الغالب - تعمل على تحقيق أهدافها ؛ وفق
 إطارين ([4]) :
أ- الإطار الكمي:وهنا يكون الهدف الأساسي للسياسة النقدية هو: تحديد الحجم الكلي للسيولة؛من ثم تعتمد-هنا-على الأدوات الكمية للسياسة النقدية؛ كعمليات السوق المفتوحة، وسعر الخصم, ونسبة الاحتياطي القانوني.
ب- الإطار النوعي :وتستهدف السياسة النقدية؛ وفقاً لهذا الإطار؛ توزيع حجم الموارد المصرفية بين الاستخدامات المختلفة؛ داخل الحجم الكلي للسيولة المقررة للنشاط الاقتصادي. وهنا تقوم السياسة النقدية باستخدام أدواتها النوعية ؛مثل:وضع سقوف ائتمانية لا يتخطاها الائتمان بالنسبة لقطاعات معينة , أو فرض أسعار إعادة خصم انتقائية.
ويفرق المختصون في السياسة النقدية بين الأدوات المباشرة للسياسة النقدية والأدوات الغير مباشرة. فنجد أن الأدوات المباشرة تتصف بالتدخل المباشر للسلطة النقدية في آليات السوق, ولكن يؤخذ عليها كونها تحد-  بتدخلها - من كفاءة العمل المصرفي بصفة خاصة , والاقتصاد الوطني بصفة عامة, ومن أمثلة الأدوات المباشرة: وضع قيود على أسعار الفائدة
وعلى أسعار الصرف, وعلى سقوف الائتمان. أما الأدوات الغير مباشرة فهي - على سبيل المثال- عمليات السوق المفتوحة.([5])                                       
وكما أن هناك تقسيمات لأدوات السياسة النقدية؛ حيث تصنف هذه الأدوات إلى أدوات كمية (Quantitative) وأدوات نوعية (Qualitative). فأيضًا يمكن تقسيم تلك الأدوات إلى أدوات إلزامية من قبل السلطات (Statutory) وأخرى خاضعة لقوى السوق (Based market), إلا أن التقسيم الحديث لهذه الأدوات, والذي يفرق بينها من حيث طبيعة كل منها, والذي أشرنا إليه سابقا, هو المواكب لآخر التطورات المستحدثة في هذا المجال .
 وهو تقسيم تلك الأدوات إلى ([6]) :
1-                  الأدوات الغير مباشرة للسياسة النقدية:
وتشمل جميع الأدوات النقدية؛ التي تعتمد على قوى السوق. ويقصد بذلك أن تأثير هذه الأدوات على المتغيرات المختلفة, وتوصلها للأهداف المراد تحقيقها, يتم من خلال السماح لقوى السوق ؛ بأن تؤدي دورا هاما في ذلك. وتشمل هذه الأدوات : عمليات السوق المفتوحة,وسعر الخصم, ونسبة الاحتياطي الإلزامي , والاحتفاظ بودائع لدى البنك المركزي مقابل عائد , وبيع وشراء العملات الأجنبية. ([7])
أ-عمليات السوق المفتوحة:
وهي قيام البنك المركزي بشراء وبيع سندات من السوق الحرة للسندات؛ وهي أهم أداة للسياسة النقدية , وهي – أيضا- محدد للتغير في العرض النقدي . وعمليات السوق المفتوحة يترتب عليها زيادة حجم العملة في التداول في حالة الشراء, ومن ثم  يتسع حجم القاعدة النقدية , والعكس في عملية البيع في السوق المفتوحة للسندات ؛ وهو انكماش حجم العملة المتداولة, ومن ثم  تخفيض القاعدة النقدية. ([8])
وتنقسم عمليات السوق المفتوحة إلى:
أولاً- عمليات السوق المفتوحة الحركية (Dynamic Open Market) وتهدف إلى تغيير مستوى الاحتياطيات الموجودة لدى البنوك , أو حجم العملة المتداولة, ومن ثم يتغير حجم القاعدة النقدية .
ثانياً- عمليات السوق المفتوحة الدفاعيةOperation)   (Defensive Open Market:
ويقوم بها البنك المركزي؛ من أجل التغلب على آثار العوامل المختلفة المؤثرة على حجم القاعدة النقدية ؛ كتغيرات الودائع ؛ التي تقوم بها الخزانة العامة لدى البنك المركزي, أو التغيرات في الرصيد الصافي لعمليات المقاصة.
وتهدف السياسة النقدية من خلال استخدام عمليات السوق المفتوحة إلى([9]) :
أولا:التأثير على حجم الاحتياطيات الفائضة Excess Reserves لدى البنوك التجارية ؛ سواء بالزيادة أو النقص ؛ مما يؤثر على حجم الائتمان , وحجم المعروض النقدي , والطلب على الاستثمار بما يتماشى والأهداف الاقتصادية للدولة .
ثانيا: إيجاد نوع من الاستقرار بين سعر الفائدة في كل من السوق النقدي وسوق رأس المال.
ثالثاً:محاولة التغلب على أي تقلبات موسمية أو عرضية قصيرة الأجل في حجم المعروض النقدي , والناتجة عن عوامل السوق.
ب-سياسة تغير سعر الخصم (Discount Rate) :
ويقصد بها: تغيير سعر الخصم , وهو سعر الفائدة ؛ الذي يتقاضاه البنك المركزي من البنوك التجارية عند تقديم قروض لها ؛ فعند رغبة البنك المركزي في زيادة حجم المعروض النقدي؛ فإنه يخفض من سعر الخصم ؛ مما يزيد من حجم السيولة النقدية لدي البنوك التجارية , وبالتالي تزيد قدرتها على الإقراض . والعكس صحيح؛ فزيادة سعر الخصم يخفض حجم القاعدة النقدية المقترضة , ويخفض العرض النقدي .([10])
ج ـ نسبة الاحتياطي القانوني (The  Legal Reserve Rate):
وهي النسبة من الأصول النقدية؛ التي يجب أن تحتفظ بها البنوك التجارية لدى البنك المركزي ؛ تقييدا لقدرتها على اشتقاق الودائع ؛ مما لديها من ودائع جارية . ويمكن التأثير على توسع البنوك التجارية في عمليات الائتمان عن طريق هذه السيولة. ([11])
وتكمن مقدرة البنك المركزي في التحكم في حجم الائتمان , وإدارة السياسة النقدية , باستخدام هذه الأداة ؛عن طريق تغيير نسبة الاحتياطي ؛ سواء بالارتفاع أو بالانخفاض؛ مما يؤدي إلى زيادة أو نقص حجم الاحتياطيات الفائضة لدى البنوك التجارية , ومن ثم  زيادة أو نقص قدرة تلك البنوك على الإقراض؛ فيتأثر بذلك الطلب على القروض بغرض الاستثمار.([12])
2-                  الأدوات المباشرة للسياسة النقدية:
وتأخذ هذه الأدوات صفة التدخل المباشر؛ كاعتماد السلطة النقدية إلزام البنوك مباشرة بأسعار فائدة معينة على كل من ودائع العملاء والقروض الممنوحة من قبل البنوك التجارية أو فرض سقوف ائتمانية في شكل نسب على حجم الائتمان الممنوح لبعض القطاعات الاقتصادية . والهدف الأساسي من استخدام هذه الأدوات المباشرة هو :
أولاً: التأثير على تكلفة الإقراض لدى البنوك التجارية ؛ وذلك للتأثير على حجم الائتمان؛ سواء للحد منه أو التوسع فيه .
ثانياً: إتاحة الفرصة أمام قطاعات هامة في الاقتصاد؛ من أجل التقدم والنمو؛ عن طريق إعطائها قروضاً ميسرة أو ميزات تفضيلية على غيرها من القطاعات الأخرى .
ثالثاً: توفير قدر كافٍ من الأصول الممكن تسيلها عند الحاجة ,وخصوصا في أوقات الأزمات النقدية .([13])
 إن أهداف السياسة النقدية قد تتعارض في بعض الأحيان؛ فهدف استقرار المستوى العام للأسعار قد يتعارض مع هدف استقرار سعر الفائدة , ومستوى العمالة المرتفع في الأجل القصير؛ فعندما يكون الاقتصاد في حالة رواج وبطالة منخفضة ؛ فإن التضخم وأسعار الفائدة تبدأ بالارتفاع؛ فإذا حاول البنك المركزي السيطرة على ارتفاع أسعار الفائدة ؛عن طريق شراء السندات ؛ فسوف يؤدي هذا إلى ارتفاع السعر السوقي للسندات؛ مما يؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة السوقي, ولكن عمليات السوق المفتوحة تسبب زيادة في القاعدة النقدية؛ ومن ثم زيادة المعروض النقدي؛ مما يزيد من مستوى التضخم؛ نتيجة زيادة معدل ارتفاع المستوى العام للأسعار.
فإذا حاول البنك المركزي السيطرة على التضخم الناتج عن الزيادة في المعروض النقدي, فإن هذا سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة البطالة. وإن هذا التعارض بين الأهداف قد يضع البنك المركزي في مواقف صعبة.
وعليه يمكن القول أنه حتى تستطيع السياسة النقدية-  من خلال البنك المركزي- تحقيق المواءمة بين الأهداف الرئيسية؛ فإنه يقوم باستعمال أهداف وسيطة Intermediate Targets)) من شأنها أن تساعد في الوصول إلى الأهداف النهائية. وتستخدم هذه الإستراتيجية؛ لأنه من السهل على البنك المركزي التأثير على الأهداف الوسيطة, ومن ثم  تحقيق الأهداف الرئيسية , بدلاً من التأثير المباشر على الأهداف الرئيسية , فمن خلال الأهداف الوسيطة يمكن للبنك المركزي أن يقيم بسرعة ما إذا كانت سياسته تسير في الطريق الصحيح أم لا , بدلا من الانتظار حتى تظهر نتائج السياسة النقدية المتبعة على العمالة ,أو مستوى الأسعار.
               الرجوع الى الفهرس


   (1) الكفراوي, مرجع سابق, ص 243
(2) الكفراوي, مرجع سابق, ص348.
    (3)  فهمي, حسين فهمي, مرجع سابق, ص13.
(1) مجذوب , أحمد, تقويم دور المصارف الإسلامية في تطوير العمل المصرفي, حولية البركة, 1425هـ-2004م,ص124.
(2) الجارحي , معبد علي , السياسة النقدية في إطار إسلامي , المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب , البنك الإسلامي للتنمية 2002م,ص65
   (1) فهمي , حسين , مرجع سابق  ,ص14.
(2) فهمي , حسين , مرجع سابق, ص15
([8] ) الناقة , أحمد , مرجع سابق , ص122.
    (1) فهمي , حسين , مرجع سابق,ص18
    (1) الناقة , أحمد , مرجع سابق ص124.
(2) محمد , يوسف كمال,المصرفية الإسلامية ,السياسة النقدية .
(3) فهمي , حسين , مرجع سابق ص17.
   (1) فهمي, حسين, مرجع سابق ص18.