الأربعاء، 12 مارس 2014

المبحث الثالث خصائص منتجات الهندسة المالية الإسلامية



إن وجود المؤسسات الرأسمالية وتطورها وانتشارها فرض نوعاً من التحدي على الاقتصاد الإسلامي؛ فالحلول التي يقدمها الاقتصاد الإسلامي ,والابتكارات ,والمنتجات المالية الإسلامية, لا يكفي لأن تكون عملية فقط؛ وإنما لابد أن تحقق مزايا مكافئة لتلك التي يقدمها الاقتصاد المعاصر .
وتهدف الهندسة المالية الإسلامية إلى إيجاد منتجات وأدوات مالية تجمع بين المصداقية الشرعية ,والكفاءة الاقتصادية؛ فالمصداقية الشرعية هي الأساس في كونها إسلامية, والكفاءة الاقتصادية هي الأساس في كونها تلبي احتياجات المجتمع الاقتصادية ,وقدرتها على منافسة الأدوات التقليدية.
فالمقصود بالمصداقية الشرعية هو: أن تكون المنتجات الإسلامية موافقة للشرع بأكبر قدر ممكن, ويعني ذلك الخروج من الخلاف الفقهي قدر الاستطاعة؛ حيث إن الهدف من الهندسة المالية هو إيجاد الحلول المبتكرة للمشكلات الاقتصادية, وتكون محل اتفاق قدر المستطاع.
والمقصود بالكفاءة الاقتصادية هو: تحقيق مقاصد المتعاملين بأقل قدر من التكاليف الإجرائية أو التعاقدية , فالتقدم التقني وثورة الاتصالات والمعلومات , يتطلب ابتكار أساليب للتعامل الاقتصادي بإمكانها السيطرة على القيود والالتزامات . ([1])
وعلى هذا تعين كون المنتجات المالية الإسلامية (ضرورية ), ولكن هناك خصائص تميز تلك التعاملات المالية, وتلك الابتكارات؛ من حيث صلاحيتها للتطبيق؛ من وجهة نظر شرعية.
وهذه الخصائص يمكن تلخيصها في خمسة أسس:  ([2])
1-  أن تكون متوافقة مع الشريعة الإسلامية:
عندما يتفق المتعاملون على شروط العقود , فإنه لابد أن تكون هذه العقود موافقة للضوابط الفقهية, فلا يتفقان على شروط العقد إلا إذا كانت متوافقة مع الشريعة الإسلامية؛ من حيث الحلال والحرام ؛ فعند إبرام العقود المالية لابد أن تكون خالية من كل ما يتعارض مع الضوابط الإسلامية؛ كتحريم كالربا, والغرر. وفي عقود البيع والشراء لا تعتبر عقود بيع أو شراء ما هو محرم؛ نافذة أو ملزمة. كما أنه لا يجوز تمويل أية أنشطة تقع في دائرة التحريم؛ مثل : أنشطة صناعة الخمور, أو صناعات قائمة على لحوم الخنزير, أو الدم ,أو الميتة , كما يحرم تمويل موائد القمار ,وأماكن البغاء.
2- الإدراك ((Capability:
يجب أن يكون المتعاملون على علم ودراية بشروط العقد المبرم , ويتم الاتفاق بينهما أو بينهم؛ طوعا بدون احتكار, أو تعسف, أو حجر على رغبة أحد أطراف العقد ؛ أي أن تكون العقود خالية من الإكراه والتعسف والاستغلال .
3- الوضوح (Clarity):
يجب أن يكون لدى طرفي أو أطراف العقد وضوح حول ما يتضمنه العقد من شروط أو بنود؛ فأي اشتباه في بنود العقد أو ما يحويه من شروط - باستثناء الغرر اليسير- قد يجعل الاتفاق غير نافذ.
4- الإمكانية والاستطاعة (Possibility ,Can accommodate):
 اتفق الفقهاء على عدم جواز بيع مالا يملك, أو مالا يمكن تسليمه؛ عند حلول الأجل؛ أي إذا اتفق طرفا العقد على بيع؛ فيجب أن يكون بإمكان البائع تسليم المبيع عند حلول الأجل المتفق عليه؛ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ( لا تبع ماليس عندك)([3])، لما في ذلك من الغرر, والذي يتمثل في عدم القدرة على التسليم؛ فإن قدر على التسليم فلا بأس؛ كبيع السلم؛إذا قبض الثمن؛ ويشمل ذلك بيع المعدوم([4]).
5- الالتزام ( (Commitment:
لابد من التزام أطراف العقد, واحترام أجل العقد ,وعدم استخدام شيء من الحيل اللغوية أو القانونية, للتحايل على بند أو شرط ؛ مما أتفق عليه الطرفان في العقد.
إن هذه الضوابط؛ التي لابد من توافرها في العقود المالية الإسلامية, تمثل منتجات الهندسة المالية الإسلامية. ويعد المدخل لتطوير المنتجات المالية الإسلامية هو الأصالة و الابتكار؛ عن طريق البحث عن الاحتياجات الفعلية, والعمل على تصميم المنتجات المناسبة لها، شرط أن تكون متوافقة مع مبادئ الشرع الإسلامي. وهذا المنهج يتطلب دراسة مستمرة لاحتياجات العملاء ,والعمل على تطوير الأساليب التقنية والفنية اللازمة لها؛ و ذلك لضمان الكفاءة الاقتصادية للمنتجات المالية، كما يتطلب وضع أسس واضحة لصناعة مالية إسلامية مستقلة عن الصناعة المالية التقليدية.و قد يكون هذا المنهج أكثر كلفة من التقليد والمحاكاة، لكنه- في المقابل- أكثر جدوى, وأكثر إنتاجية.([5])

   (1) سويلم, سامي, مرجع سابق,ص15.
2)  Igbal,munawer and Tariquallah Khan,p10,11.
 
    (1) صحيح سنن أبي داود, تحقيق الألباني.
(2) محمد, يوسف كمال , مرجع سابق,ص274.
   (1) قندوز , عبد الكريم, مدانـي أحـمـد, الأزمة المالية واستراتيجيات تطوير المنتجات المالية الإسلامية ,المركز الجامعي بخميس مليانة,عين الدفلة..