المبحث
الثاني
تصكيك
الأصول الممولة بعقود إسلامية ([1])
مزايا الصكوك:
هناك معايير مختلفة لتقسيم الأوراق المالية؛ أشهرها: التقسيم على أساس معدل
المخاطر.
وبناء على "معيار الخطر" يمكن تقسيم الأوراق
المالية إلى أوراق ذات مخاطر عالية ؛ وهي الأسهم الاعتيادية لما ينتاب ثمنها ,والعائد
منها من التقلبات الحادة والكثيرة. أما سندات الدين (التقليدية) الموثقة برهن (بالنسبة
للشركات)والتي تتفاوت مخاطرها منها المرتفعة ومنها المنخفضة , وأذونات الخزينة (بالنسبة
للحكومة) فهي أقل مخاطرة من الأسهم ؛ لما تتميز به من الثبات في العائد , وفي القدرة
على استرداد أصل الدين؛ لأن رأس المال دين في ذمة المصدر؛ فإذا كان شركة ذات ملاءة عالية أو حكومة, كانت المخاطرة
متدنية.
كما أن المستثمرين يفضلون أنواعاً من الأوراق المالية،
وكذلك الشركات تحتاج إلى التنويع في مصادر التمويل, تجد الشركات ـ أحياناً ـ أنه من
الأفضل لها أن تتمول بطرق أخرى, ولا تصدر الأسهم؛ لعدد من الأسباب؛ منها:
من جانب العرض(المصدر للصكوك):
أ)
الصكوك أقل كلفة على الشركة من الأسهم ؛ لأن الأسهم
يحصل حملتها على نصيب من الربح الناتج عن كامل نشاط الشركة. أما الصكوك فتدفع الشركة
عليها عائداً مرتبطاً بأجرة أصل, أو عائد مشروع بعينه.
ب)
يترتب
على إصدار الأسهم دخول شركاء جدد في ملكية الشركة؛ وهذا يؤدي إلى التقليل من سيطرة
الملاك الحاليين (حملة الأسهم الحاليين) على مقاليد أمور الشركة؛ وهذا أمر غير مرغوب
فيه بالنسبة إليهم. أما إصدار الصكوك فلا يؤدي إلى مثل ذلك.
ج)
قد يؤدي
إصدار مزيد من الأسهم من قبل الشركة إلى انخفاض قيمة أسهمها المتداولة في السوق ؛لزيادة
عدد المعروض منها؛ وهذا يلحق ضرراً بحملة الأسهم الحاليين.
د)
تمتلك
الشركات الكثير من الأصول الصالحة لأن تكون محلاً لإصدار الصكوك ؛عن طريقة البيع لحملة
الصكوك ثم الاستئجار. وقد استقر في النظر المالي أن في هذه الأصول قيمة كامنة يمكن
الاستفادة منها بإصدار الصكوك.
من جانب الطلب(مشترى الصكوك):
يمثل جانب الطلب أولئك الذين يشترون
الصكوك من السوق لغرض الاستثمار؛ فهؤلاء المستثمرون لهم تفضيلات لا تتحقق إلا في أوراق مالية ذات عائد
ثابت ومخاطر متدنية. وكثير من المستثمرين لا يرغب في التعرض للمخاطر, ويقبل بعائد متدن
؛ مقابل المخاطر المتدنية. ومن ذلك شركات التأمين (وكذا شركات التكافل) فإنها ملزمة
ـ في ظل القوانين المنظمة لأعمالهاـ باستثمار أموالها في استثمارات متدنية المخاطر
كسندات الدين العام وأذون الخزانة الحكومية
(في الأدوات التقليدية) أو ما يساويها في المخاطر من الاستثمارات الإسلامية.
أنواع الصكوك المصدرة:
أ. سندات المقارضة: هي
أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال
المضاربة ؛على أساس وحدات متساوية القيمة ,ومسجلة بأسماء أصحابها ؛باعتبارهم يملكون
حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة ,وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه ,ويفضل تسمية
هذه الأداة الاستثمارية صكوك المضاربة.
ب. صكوك الإجارة: وتعرف
صكوك الإجارة بأنها: "سندات ذات قيمة متساوية ؛تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان,
أو منافع ذات دخل".
أنواع الصكوك المتداولة في الأسواق بحسب المحل،
وإجراءات الإصدار والإطفاء([2])
أولاً: صكوك الإجارة:
1- (صكوك التمويل التي محلها أصول
قابلة للتأجير ):
أول ما صدر من الصكوك كان على أساس الإجارة؛ أي
أنه تصكيك لأصول إيجاريه. وتمثل صكوك الإجارة ـ حتى اليوم ـ نحو 80% من مجمل الصكوك.
والأصول التي هي محل صكوك الإجارة تتباين؛ فأكثرها أصول عقارية من أراضٍ ومبانٍ ونحوها،
وبعضها معدات وطائرات وسيارات وقليل منها مطارات ,وموانئ ,وطرق سريعة, ونحو ذلك.
و الإجارة عقد محله المنافع. جاء في الشرح الكبير
لابن قدامة: "الإجارة بيع المنافع"([3]).عندما
تحتاج الجهة المصدرة إلى التمويل (ويمكن تسميتها
"الشركة" ولكن يحتمل أن تكون مؤسسة حكومية أو غير ذلك) ولديها أصول
قابلة للتأجير, وترغب في تمويل ,ولا تريد ربط التمويل بنشاط محدد ,أو بشراء أصل محدد
، فيمكنها الحصول عليه بطريقة إصدار صكوك إجارة, فإنها تقوم بالخطوات التالية:([4])
1- تقوم
بتعيين أصل مملوك للشركة يمكن أن يكون محلاً للتصكيك مثل ؛ مبنى الإدارة العامة, أو
مباني الفروع ,أو معدات مملوكة للشركة ...إلخ. ثم يجري فرزها ,وإثبات ذلك في وثائق
جرد يحصل معها تعيُّن هذه الأصول, واستقلالها عن بقية ممتلكات الشركة.
2- تقوم
الجهة المصدرة بتأسيس شركة ذات غرض خاص, ثم يقوم المصدر بإثبات نقل هذه الأصول من دفاتره
إلى دفاتر تلك الشركة؛ ذات الغرض الخاص ؛على أساس البيع ؛بعد أن يجري تقويمها ؛من قبل
جهة متخصصة مستقلة (ولنفترض أنها جاءت 100 مليون ريال) ويلزم لتحقيق المتطلبات الشرعية
أن تجري عملية البيع بالقيمة، وليس بثمن يتفق عليه الطرفان ؛يكون مختلفاً اختلافاً
بيناً عن القيمة ؛ لأن ذلك يجعل البيع صورياً ؛إذ لا يتصور أن يبيعها البائع
بأقل من القيمة, إلا لعلمه أنها تعود إليه.
3- ثم بعد أن تصير تلك الأصول مملوكة للشركة ؛ ذات الغرض الخاص ؛ يقوم
المصدر باستئجارها منها لعدد من السنين (5 سنوات أو 10 سنوات ...إلخ) بعقد إجارة يتضمن
الوعد بالشراء، وصفة هذا الوعد أن المستأجر يعد المؤجر بأن يشتري منه تلك الأصول؛ عند
نهاية عقد الإجارة بثمن محدد؛ هو ـ في غالب الأحوال ـ نفس ثمن الشراء (أي 100 مليون).
4- ويجب أن يتولد ـ عن عقد التأجيرـ
علاقة مؤجر بمستأجر؛ فحملة الصكوك يملكون هذا الأصل ، وعليهم أن يتحملوا كل
ما يتعلق بالصيانة الأساسية (الهيكلية) للأصل المؤجر. أما الصيانة الدورية فهي من مسئولية
المستأجر.
5- ثم يجري تقسيم مبلغ الـ 100 مليون إلى وحدات (صكوك)
(لنقل ـ على سبيل المثال ـ مليون وحدة) فتكون الوحدة الاسمية لكل صك هي 100 ريال ؛
وهي بهذا أشبه ما تكون بالأسهم.
6- تصدر
الصكوك بكامل القيمة الاسمية ، وربما صدرت بعلاوة إصدار أو بحسم، فإذا اشتراها المستثمرون
حصلت الشركة المصدرة على مبلغ 100 مليون ؛ وهو ثمن بيع الأصول إلى الشركة ؛ ذات الغرض
الخاص ؛ التي أصبحت ـ الآن ـ مملوكة لحملة الصكوك ؛ فيحصل المصدر على المبلغ المطلوب.
7- يجري التصنيف الائتماني للصكوك من قبل جهة متخصصة(شركات تصنيف) توطئة
لإدراجها في سوق التداول.
8- يقوم مصدر الصكوك بدفع الأجرة المتفق عليها بصفة ربع سنوية (أو نحو
ذلك) وتمثل هذه الإيجارات العائد الدوري على الصكوك. ولما كانت الأصول التي هي محل
الصكوك مؤجرة بأجرة محددة لمدة متفق عليها، صار الريع الذي يدفع على الصكوك معلومًًًًٍٍٍاً
مقدماً فهو ليس مرتبطاً بنشاط الشركة المصدرة وأرباحها ...إلخ.
9- وهذه
الصكوك قابلة للتداول ، وربما أدرجت في إحدى البورصات ؛ لأن كل صك يمثل حصة مشاعة في
الأصول ؛ التي هي محل التصكيك ؛ وهي قابلة للبيع.
ويترتب على
القابلية للتداول تحقق السيولة لحملة الصكوك ؛ حيث يمكنهم بيعها في السوق ؛ في أي وقت.
10-وعند تمام مدة الإيجار (خمس
سنوات مثلاً) وانتهاء عقد الإجارة ، يتقدم مصدر الصكوك إلى الشركة ؛ ذات الغرض الخاص
؛ بطلب الشراء ؛ فإذا حصل القبول (وهو الحاصل) باعت الشركة ذات الغرض الخاص إلى مصدر
الصكوك الأصول بمبلغ 100 مليون ، ثم جرى توزيع هذه المبالغ على حملة الصكوك ؛ فيتمكنوا
بذلك من استرداد رأسمالهم.
وأكثر الصكوك التي صدرت ـ حتى الآن ـ
محلها أصول مؤجرة ، ومنها صكوك دولة البحرين ، وحكومة الباكستان ، وغيرها .
وفيه يكون حملة الصكوك ملاكاً لأصل اشتروه من المصدر فيؤجرونه عليه بأجرة دورية إيجاراً
، مع وعد بالبيع إليه ، في نهاية مدة الإجارة.
2-
الصكوك
التي محلها المنافع:
عندما يكون بيع الأصل محل التصكيك من قبل المصدر
إلى حملة الصكوك عسيراً، فإن مصدري الصكوك يلجأون إلى ما يسمى بالإجارة الطويلة والقصيرة
؛ حيث إن الجهات الحكومية ـ في بعض البلدان ـ لا تتمكن من التصرف بالأصول العقارية ؛ التي تملكها
بالبيع ؛ لأن هذا يحتاج إلى إجراءات قد تتضمن إصدار قرار من الجهة التشريعية.
ولما كان
البيع إلى حملة الصكوك يتبعه إعادة شراء من قبل مصدر الصكوك في نهاية أجل عقد الإجارة
(والشراء ـ أيضا ًـ يكتنفه نفس الصعوبات القانونية)، وقد ورد في قرار
المجمع الفقهي الإسلامي الدولي ؛ الصادر عن دورة مؤتمره الخامسة عشرة في مسقط سنة
1425هـ/2004م : "يجوز للمستأجر الذي له حق الإجارة من الباطن أن يصدر صكوك إجارة
تمثل حصصاً شائعة في المنافع" ، اتجهت بعض الجهات المصدرة للصكوك إلى جعل محل
التصكيك المنافع وليس الرقبة بناء على الوصف التالي:
1-يقوم مصدر الصكوك بتأجير الأصل المملوك له إلى
الشركة؛ ذات الغرض الخاص؛ التي تمثل حملة الصكوك لمدة طويلة (99 سنة على سبيل المثال)بأجرة
معلومة محددة تدفع في بداية العقد؛ قدره مثلاً 100 مليون.
2-أصبحت الشركة؛ ذات الغرض الخاص؛ مالكاً لمنافع
هذا الأصل للمدة المذكورة؛ فتقوم ـ عندئذٍ ـ بإصدار الصكوك ,وتحصل على مجموع قيمة الصكوك
البالغ 100 مليون, وتدفعه إلى الشركة أجرة معجلة لكامل مدة عقد الإجارة المذكورة.
3-ثم يجري من المصدر استئجار ذلك الأصل لمدة قصيرة
(مثل خمس سنوات مثلاً) بأجرة مقسطة تدفع كل ربع سنة مثلاً. وكلما قبضت الشركة ذات الغرض
الخاص الأجرة وزعتها على حملة الصكوك فكانت مصدر العائد الدوري.
4-وفي نهاية المدة المذكورة يكون
قد بقي في عقد الإجارة 94 سنة (ان كانت المدة الأصلية 99 سنة) ، وعندئذٍ يقوم المصدر
بشراء منافع ما تبقى من فترة زمنية من حملة الصكوك بأجرة معجلة ,تساوي ـ في الغالب
ـ نفس المبلغ ؛ الذي دفعه حملة الصكوك؛ وبهذا يحصل لهم استرداد رأس المال.
3-
الصكوك
التي محلها الاختصاص (الحقوق):
الحق :اختصاص حاجز يمنح صاحبه استئثاراً على موضوعه،
وعرفها مصطفى الزرقا بأنها: "اختصاص يقر به الشرع سلطة أو تكليفاً".
ولما كانت هذه الحقوق مالاً (مثل المنافع والأعيان)
صارت قابلة للتصكيك ؛ بحسب ما تدر من عائد(أفتى جمهور الفقهاء بعدم جواز بيع الحقوق
المجردة بمعزل عن الأصول ؛التي يتعلق بها هذا الحق؛ فلا يجوز بيع حق الشفعة للعقار
بدون بيع العقار للشخص؛ الذي يرغب في حق الشفعة).
وهيكل إصدار الصكوك؛ التي محلها حقوق يمكن أن يكون كما يلي:([5])
1) يقوم المصدر بإنشاء شركة ذات غرض خاص, ثم يحوّل إليها الحقوق؛ التي هي محلٌّ لإصدار الصكوك
بالبيع بثمن يجري تحديده؛ أما بالسعر السوقي, أو تقدير الخبراء.
2) ثم تقوم الشركة ذات الغرض الخاص بإصدار الصكوك
,واستخدام حصيلتها في دفع الثمن إلى المصدر ؛وهي صكوك قابلة للتداول؛ لأن محلها صالح
لمثل ذلك.
3) يتولد عن هذه الحقوق إيراد دوري يوزع على حملة الصكوك؛
هذا الإيراد مصدره عمل يؤدى من قبل جهة مكلفة؛ من قبل مالك الحق ؛ وهو حملة الصكوك
.وفي هذه الحالة يقوم مصدر الصكوك بهذه المهمة وكالة عن حملة الصكوك؛ مقابل أجر متفق
عليه.
4) ومدة الصكوك سنين محددة (خمس سنوات مثلاً) ثم ـ
في نهاية المدة ـ يشتري المصدر تلك الحقوق
بثمن متفق عليه يجعل مختلفاً عن ثمن الشراء؛ مثل الصكوك ؛التي أصدرتها شركة سابك السعودية،
مع شركات البتر وكيماويات.
ثانياً: صكوك المشاركة:
المشاركة هو: الاسم المصرفي لعقد
الشركة المعروف في كتب الفقه بعد إدخال بعض الشروط عليه؛ مثل جعل الشركة فيه ـ دائماً
ـ ذات مسئولية محدودة ، وتحديد أجل للشركة, ونحو ذلك, وكل ذلك جديد على عقد الشركة.
وعندما تكون المشاركة أساساً لإصدار
الصكوك يكون هيكل الإصدار بالصفة التالية:
1- يقوم المصدر بتأسيس شركة ذات غرض خاص، ثم تقوم بإصدار الصكوك بقيمة
اسمية لكل صك قدرها 100 درهم (على سبيل المثال) فتجتمع الأموال للشركة ( مثلاً 500مليون).
2- تقوم الشركة ذات الغرض الخاص بالدخول في عقد مشاركة مع المصدر؛ وذلك
بشراء حصة من أصول يملكها مصدر الصكوك (كالعقارات أو المعدات ...إلخ)، أو بخلط الماليين,
ثم تملك أصول أو شراء سلع, ثم المتاجرة بالبيع أو الإجارة ...إلخ.
3- ويجري توزيع الأرباح المستحقة لحملة الصكوك بصفة دورية؛ بناء على مؤشر
معتمد؛ كما يحصل الشريك (مصدر الصكوك) على نصيبه من الأرباح بالنسبة المتفق عليها بينهما.
4- والفائض من الربح يودع في حساب احتياطي لدى المصدر؛ يستخدم في حال انخفاض
معدل الربح المتحقق في المستقبل، ويستخدم الحساب في تحقيق الاستقرار في التوزيعات الدورية,
ويتنازل حملة الصكوك عما زاد عن التوزيعات الدورية في نهاية المدة.
5- ولا بد من وجود الوعد بالشراء؛ حيث يشتري مصدر الصكوك أصول المشاركة
المملوكة لحملة الصكوك بنفس القيمة الاسمية للصكوك ؛فيحصل لهم استرداد رأس مالهم.ومن
الأمثلة على صكوك المشاركة خزانة هي مملوكة للحكومة الماليزية ؛ وهي تمتلك محفظة كبيرة
من أسهم الشركات المدرجة في بورصة كوالمبور.
ثالثاً:
صكوك المضاربة: كانت أول محاولة لصياغة هيكل للصكوك هي التي
انبنت على أساس المضاربة, ومع ذلك ما أقل الصكوك؛ التي صدرت على هذا الأساس. وصكوك
المضاربة تصدر بناء على عقد قراض يكون فيه حملة الصكوك أرباب مال والمصدر عاملاً يقتسمان
الربح بالنسب المتفق عليها بينهما, ثم يحصل ـ في النهاية ـ التنضيض. وطرحت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
الأردنية فكرة أوراق مالية قابلة للتداول بغرض التمويل, في شكل صكوك مضاربة, غرضها
تثمير ممتلكات الأوقاف بطريقة مشروعة ومبتكرة.
رابعاً:
الصكوك المختلطة :
التصكيك (التسنيد) التقليدي هو:
تصكيك الديون؛ أي: جعل الديون في وعاء, ثم إصدار أوراق مالية تمثل كل ورقة منها حصة
مشاعة في تلك الديون. ومثل هذا الهيكل لا يجوز حتى لو كانت الديون صحيحة, أي :ناتجة
عن بيوع مشروعة لأن تداول هذه الأوراق, والحال أنها تمثل حصة في وعاء الديون ممنوع؛
إذ يئول إلى بيع الدين إلى غير من هو عليه بأقل من قيمته الاسمية؛ وذلك باب من أبواب
الربا ؛ وقد صدر بذلك قرار المجمع الفقهي الإسلامي الدولي بشأن بيع الدين.إلا أن القرار
المذكور أشارـ أيضاً ـ إلى أن الخلطة (الوعاء المكون من ديون وأعيان؛ بحيث لا تقل نسبة
الأعيان عن 51%) تجرى عليه قاعدة للكثير حكم الكل ؛ فإن كان غالبه أعياناً (وفيه ديون)
لم يكن تداول الأوراق الصادرة ـ بناء عليه ـ محظوراً ؛إذ غالب مكونات الوعاء مما يجوز
بيعه.
ويتضمن هيكل الإصدار تعيين مصدر الصكوك وكيلاً عن
حملة الصكوك (ملاك الوعاء) يقوم بتحصيل الأقساط والدفعات الإيجارية, وإعادة استثمار
جزء منها في توليد أصول جديدة. وقد صدرت بعض الصكوك محلها وعاء يحتوي ديوناً وأصولاً
مؤجرة.
وهي
سندات معتمدة على صيغة عقد السلم لتمويل الحكومة بطريقة مشروعة ؛تغنيها عن سندات الدين
الربوية.وتعتمد هذه السندات على إصدار الحكومة سندات؛ تمثل عقد سلم؛ بحيث تكون الحكومة
هي المسلم إليه (البائع), وحامل السند هو المسلم(المشتري),ومحل العقد هو سلعة تنتجه
الحكومة؛ أو تكون متوفرة في الأسواق عند الأجل. ويكون لهذا السلم أجل يحدد في نشرة
الإصدار, ورأس مال يدفع في مجلس العقد, وينتهي بأن تكون هناك جهة مستقلة عن الحكومة؛
تقبض بضاعة السلم نيابة عن حملة السندات. وهذه السندات قابلة للتداول في سوق منظم فيتحدد
للسند سعر, ويمكن لحامل السند بيعه قبل الأجل؛ في ذلك السوق؛ بمثل رأس مال السلم, أو
أقل من ذلك أو أكثر.
واعتمدت
صيغة تداول السندات؛ عن طريق تصكيك الأصول المملوكة للحكومة أو المصرف؛ بعقود السلم
على رأي المالكية؛ الذي يجيز بيع بضاعة السلم قبل القبض إذا لم تكن طعاماً, وجواز بيع
الدين بغير جنسه بشروطه ؛وهي جميعاً موجودة في الصيغة.
شهادات السلم:([7])
وهي شهادات مالية بسعر محدد تبيع ـ بموجبه ـ وزارة المالية عدداً محددأ من الموارد
الطبيعية؛ التي تمتلكها الدولة, بيع سلم؛ حيث تستلم الدولة قيمة حالا, ويحدد فيه موعد
التسليم؛ وبذلك تستطيع الدولة تمويل إنفاقاتها المختلفة.
وتقوم
وزارة المالية بإصدار شهادات تملك لمورد معين؛ وهذه الشهادات بعدد وبقيمة معينة؛ تكفي
لتمويل إنفاق الدولة ,وتقوم ببيعها على البنوك التجارية.
خصائص
شهادات السلم:
1ـ لها قيمة اسمية مثبتة في الشهادة . 2ـ قابلة
للتداول.
3ـ
تتمتع هذه الشهادات بقدر من السيولة .
مشروعية شهادات السلم: تتوافق شهادات السلم مع
الشريعة الإسلامية في كونها تخلو من الموانع الشرعية؛ والمتمثلة في: الربا, والغرر,
والجهالة؛ فمن حيث خلوها من الربا : تمثل هذه الشهادات عقد تملك لحصة من الموارد أو
السلع المسلم فيها؛ وليست سند دين؛ يستحق الدفع مع الزيادة ؛كما هو الحال مع سندات
الدين العام .([8])