10. التعريف
بالإبلاغ:
الإبلاغ: هو الإيصال، وكذلك التبليغ، والإسم منه البلاغ،
مأخوذ من بلغ الشيء يبلغ بلوغا، وبلاغا وصل وإنتهى، وأبلغه هو إبلاغا، وبلغه
تبليغا، وتبلغ بالشيء وصل غلى مراده[1].
ويطلق شراح القانون، البلاغ على الإجراء الذي يصدر من
شخص لا هو بمرتكب الجريمة، ولا هو بالمجني عليه فيها، ويتضمن إحاطة السلطة المختصة
علما بوقوع جريمة من الجرائم التي لا يتوقف فيها مباشرة النيابة العامة لإجراءات
اقتضاء حق الدولة في العقاب على شكوى أو طلب[2].
والبلاغ بهذا المعنى يتفق مع الشكوى، في أن كلا منهما
إخطار في شأن جريمة إرتكبت، يقدم إلى مأمور الضبط القضائي أو إلى النيابة العامة،
فلم يتطلب القانون شروطا معينة من حيث الشكل فيهما[3].
بينما يختلفان في أن البلاغ إخطار بالجريمة يقدمه أي شخص
دون توافر صفة خاصة فيه، أما الشكوى فإخطار بالجريمة يقدمه المجني عليه.
ولا يستهدف المبلغ ببلاغة ترتيب اثار قانونية معينة، لذا
فهو لا يعدون أن يكون إعلانا أو إخبارا أو إفصاحا عن علم، وهو حق شخصي عام مخول
للكافة، فيقبل من المواطن والأجنبي، ومن البالغ والقاصر، كما لا يشترط في المبلغ
أن يكون متمتعا بقواه العقلية.
ولا يختلف معنى البلاغ في الفقه الإسلامي عنه في القانون
الوضعي، إذ أن جوهره هو الإخبار وهو الإتيان بالخبر والخبر هو ما أتاك من نبأ عمن
تستخبر[4].
والخبر منه ما هو رواية محضة، ومنه ما هو شهادة محضة،
والمشترك بين الإخبار والشهادة.
وقد وضح الإمام إبن الشاط، الفرق بين الشهادة والرواية
بقوله[5]: "... إن الخبر إما أن يقصد به أن يترتب
عليه فصل قضاء وإبرام حكم وإمضاء أو لا، فإن قصد به ذلك، فهو الشهادة، وإن لم يقصد
به ذلك، فإما أن يقصد به ترتب دليل حكم شرعي أو لا، فإن قصد به ذلك فهو الرواية،
وإلا فهو سائر انواع الخبر، ولا حاجة بنا إلى بيان تفاصيلها، لأن المقصود إنما هو
بيان ما يجوز في إصطلاح الفقهاء والأصوليين وإعتباراتهم، ودليل صحة إعتبار القيد
المذكور، أن المخبر بأن لزيد قبل عمرو دينارا غير قاصد بذلك الخبر أن يترتب عليه
فصل قضاء، لا يسمى في عرف الفقهاء والأصوليين شاهدا على جهة الحقيقة، بل يسمى
مخبرا، وكذلك المخبر عن الأمور الواقعة التي يستفاد منها تعريف دليل حكم شرعي، لا يسمى
عندهم على جهة الحقيقة روايا، وإن سمي كما في الأقاصيص ونحوها، فهو مجاز من جهة
أنهم لا يشترطون فيه من صفات الرواة ما يشترطون في رواة تعريف أدلة الأحكام".
يتضح من هذا النص، أن المبلغ عن جريمة ما، لا يعد شاهدا
حيث لا يقصد من وراء بلاغه فصل قضاء وإبرام حكم وإمضائه، وإنما يريد إخبار السلطات
العامة بها، كي تتحقق منها وتتخذ ما تراه مناسبا بشأنها.
هذا فضلا عن أنه يشترط في الشاهد – بصدد بعض الجرائم –
شروطا معينة من ذكورة وعدالة وعدد ....، وهو ما لا يشترط في المبلغ، إذ يقبل
البلاغ من الواحد والمرأة والعبد[6].
11. الإبلاغ
عن الجريمة بين الحق والواجب في القانون
المقارن:
الإبلاغ عن الجريمة إما أن يكون رخصة أي حقا، وهذا هو
الأصل العام، فهو رخصة لكل من علم من الأفراد بوقوع جريمة، فيجوز تقديمه إلى أحد
مأموري الضبط القضائي[7]،
وقد يكون الإبلاغ واجبا على الأفراد في بعض الجرائم[8].
ويكون الإخلال بهذا الواجب جنحة معاقبا عليها، وذلك في
الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الداخل والخارج[9].
كما يكون الإبلاغ واجبا في بعض التشريعات على من علم
بوقوع جناية أو بوجود مشروع لإرتكاب جناية، مما يجوز إتخاذ إجراءات جنائية بشأنها
دون شكوى المجني عليه[10].
كما يلتزم الموظف العمومي أو المكلف بخدمة عامة،
بالإبلاغ بوقوع أية جريمة أتيح له ان يعلم بها أثناء تأدية عمله أو بسببها[11].
وتختلف التشريعات في نوع الجزاء الذي يوقع على الموظف
الذي يخل بهذا الواجب فبعضها يقرر له جزاء جنائيا[12]،
وبعضها لم يقرر له جزاء جنائي، إكتفاء بالجزاء التأديبي[13].
وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية، من أن إمتناع
الموظف أو المكلف بخدمة عامة عن أداء واجب التبليغ عن جريمة، يعتبر إخلالا خطيرا
بواجبات الوظيفة[14].
12. الإبلاغ عن
الجريمة واجب على كل مسلم قادر في الفقه الإسلامي:
الإبلاغ عن الجرائم يدخل في النهي عن المنكر، لذا فهو
واجب على كل مسلم قادر على القيام به إلا إذا رجح جانب الستر على مسلم غير معروف
بالفجور، إرتكب حدا من الحدود الخالصة لله تعالى[15]،
ويقول الله تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر"[16].
فالناس لا تتم مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة، إلا
بالإجماع والتعاون والتناصر فالتعاون على جلب منافعهم، والتناصر لدفع مضارهم[17].
ولما كانت الجرائم تضر بالمجتمع وبإستقراره، فإنه يجب أن
يشترك أفراده في مكافحتها، وذلك بالإبلاغ عنها، وتوجيه الدعوى الجنائية لإحكام
الرقابة من كل جانب[18]. إذ لو تركنا الجناة يفعلون ما يشتهون، لانتشرت
الىثام في الجماعة، وشاعت المنكرات في الأمة، ونحن مسؤولون عن طهارة المجتمع
وصلاحه وإستقامته[19].
13. تدعيم
دور المؤسسات المالية في مجال الكشف عن جرائم غسل الأموال، في الإتفاقيات الدولية
والقانون المقارن:
إتجهت الإتفاقيات الدولية نحو تدعيم دور المؤسسات
المالية في مجال الكشف عن جرائم غسل الأموال، بوجوب إبلاغها عن العمليات المالية
التي تزيد قيمتها عن مبلغ معين، أو تثور شبهات حول صلتها بأنشطة غسل الاموال، سواء
أكانت هذه المؤسسات المالية مصرفية أم غير مصرفية.
فقد جاء في التوصية 15 من التوصيات الأربعين لمجموعة (FATF) الخاصة بوضع السياسات لمكافحة غسل الأموال،
"إذا إشتبهت المؤسسات المالية في أن أموالا ناتجة من نشاط إجرامي، يجب عليها
أن تبلغ عنها فورا السلطات المختصة وعن شكوكها فيها".
كما بحثت لجنة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات في
إجتماعها في الفترة من 14 – 23 مارس 1995م في النمسا، التدابير الكفيلة بتعزيز
التعاون الدولي في مجال مكافحة إساءة إستخدام المخدرات، ومن ضمنها موضوع غسل
الأموال، وكان قرارها في هذا الموضوع، ضرورة الإبلاغ عن الصفقات المشبوهة أو
الغريبة إلى وحدة مركزية للتحليل المالي، يتم إنشاؤها في كل دولة على حدة، مع
تطوير الإتصالات الفعالة فيما بين أجهزة تنفيذ القوانين من أجل سهولة تحريات انشطة
غسل الأموال، وإحالة من يقوم بها إلى
القضاء، وأهمية تشجيع الدول الأعضاء على الإبلاغ عن الصفقات[20].
وقد التزمت التشريعات بهذا القرا، ونصت عليه صراحة، فيما
عدا قانون البنوك السويسري، طبقا لآخر تعيدلاته سنة 1993م حيث جعل للبنوك الحق في
الإبلاغ عن العمليات المالية المشبوهة.
بيد أنه يلاحظ أنه وإن لم يصل الأمر بالإبلاغ إلى حد
الوجوب في القانون السويسري، فإن البنوك عندما تقدر عدم الإبلاغ التطوعي، يجب
عليها عدم تقديم أية مساعدة للعميل وعدم التعامل معه وغلق حساباته. [21].
بينما أخذت باقي التشريعات بوجوب إبلاغ المؤسسات المالية
عن العمليات المالية المشبوهة.
فقد أوجب قانون العقوبات الألماني (م 621) على المؤسسات
المالية المصرفية وغير المصرفية، وكذلك الأشخاص الطبيعيين والمعنويين العاملين
بالمهن المالية، كرجال الأعمال والصيارفة وغيرهم، إبلاغ السلطات المختصة بالعمليات
المالية المشبوهة[22].
ويعد هذا خروجا من المشرع الألماني على المبدأ الذي يسير
عليه، من عدم الإلتزام بالإبلاغ عن الجرائم، بإستثناء ما نصت عليه المادة 138 من
قانون العقوبات، والتي تعاقب على الإمتناع عن الإبلاغ عن جرائم محددة.
كما أوجب قانون مكافحة الإتجار في المخدرات البريطاني
الصادر سنة 1986 م على البنوك وغيرها من المؤسسات المالية المخاطبة بأحكامه،
الإلتزام بالإبلاغ عن أية عمليات مالية مشبوهة، الأمر الذي يجب معه على العاملين
بالمؤسسات المالية، إبلاغ مسؤول مكافحة غسل الأموال، بالبنك او بالمؤسسة، عن اية
عمليات مالية تحيط بها شبهات، تدفع إلى الإعتقاد بعدم مشروعيتها، وذلك من خلال
إستيفاء النموذج المعد لذلك، ويتولى هذا المسؤول بدوره – إخطار "الوحدة
الوطنية لإستخبارات المخدرات "National
Drug intelligence Unit"، بهذه البلاغات بعد فحصها وإبداء الرأي بشأنها[23].
وقد أوجب القانون الإيطالي الصادر في 3 مايو 1991م
والمتعلق بمنع إستخدام المؤسسات المالية في غسل الأموال، على المؤسسات المالية
والوسطاء الماليين الإبلاغ عن العمليات المالية المشبوهة.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يوجب قانون سرية
الحسابات المصرفية الصادر سنة 1992م، على المؤسسات المالية الخاضعة لأحكامه، وتشمل
البنوك، وشركات السمسرة والإدخار والتأمين، ومكاتب المحاسبة والمراجعة التي تحصل
على مدفوعات نقدية من العملاء، وتجار السيارات، وسماسرة البورصة، ومجال الوجبات
السريعة، وغيرها من المنشآت التي تحصل على مدفوعات نقدية من العملاء، إخطار إدارة
الدخول المحلية (IRS) [24]
بالتقارير الخاصة بالمعاملات النقدية (CRT) [25]
والتي تزيد قيمتها على عشرة آلاف دولار، والعمليات المالية التي تنطوي على أي دخول
أو خروج لعملات أجنبية، على أن تقدم هذه التقارير في موعد أقصاه خمسة عشر يوما، من
تاريخ كل معاملة تزيد قيمتها عن عشرة آلاف دولار، يقوم بها شخص واحد، في اليوم
الواحد، ويتعين أن يتضمن التقرير المقدم أسم البنك أو المؤسسة المالية، وإسم
العميل بالكامل، ومحل إقامته، ورقم التأمينات الإجتماعية الخاص به، وإسم الشركة أو
المنشأة التي يمتكلها أو يتعامل بإسمها[26].
وتقوم إدارة خدمة الدخول المحلية بتحليل البيانات
السابقة، للتعرف على نوع المعاملات ومطابقة البيانات الموجودة في التقارير مع
البيانات الموجودة لدى المباحث الفيدرالية.
وبعد ذلك، تتولى الإدارة إرسال البيانات والمعلومات
الواردة إليها من المؤسسات المالية إلى إدارة مكافحة المخدرات، كي تقوم بالمراجعة
والتقييم، كما أوجب قانون محاربة غسل الأموال الأمريكي سنة 1994 على المؤسسات
المالية، إخبار (FICEN) عن العمليات المالية المشبوهة[27].
وطبقا للقانون الفرنسي رقم 90-614 الصادر في 12 يوليه
1990، والمعدل بالقانون رقم 98-546 الصادر في 2 يوليه 1998م المتعلق بمساهمة
المؤسسات المالية في المكافحة ضد غسل الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات، تلتزم
المؤسسات المالية والبنكية، والخزانة العامة والإدارات المالية التابعة لمؤسسة
البريد، وصناديق الإيداع والحفظ، وشركات البورصة والصيارفة وشركات السمسرة في مجال
الأوراق المالية، بإبلاغ النيابة العامة عن العمليات المنصبة على مبالغ مصدرها
تجارة المخدرات أو أنشطة المنظمات الإجرامية (م1، 2/1 من القانون) وقد أضاف
القانون رقم 96-392 الصادر في 13 مايو 1996مم "سماسرة التأمين وإعادة مبالغ
التأمين "Courtiers d' assurance et de re-
assuraces"
ولا يقتصر الإلتزام بالإبلاغ، على الأشخاص الذين يمارسون
مهنة منظمة من قبل القانون مثل مراقبي الحسابات والمحامين والمستشارين القانونيين
وسماسرة العقارات والموثقين.... الخ.
وإنما يشمل أيضا الأشخاص الذين يمارسون مهنا أخرى مثل
أصحاب محال المجوهرات والأشياء القديمة، ومن يتعاملون في شراء العقارات وبيعها
وتقديم المشورة بشأنها، وكذلك من تمكنه مهنته من التعرف على مصدر الأموال التي
يجري عليها تصرفا او يقدم مشورة بخصوصها، ومن هؤلاء: المصفون القضائيون والموثقون
والمحاسبون القانونيون[28]. كما يشمل أيضا المحامين إذا كان الأمر خارج
واجب السرية الذي يفرضه القانون كفالة لحق الدفاع.
ويلاحظ أن الإلتزام بالإبلاغ عن العمليات المالية
المشبوهة في القانون الفرنسي، قاصر على حالات غسل الأموال الناتجة عن تجارة
المخدرات المنصوص عليها في المادة (272) من قانون الصحة العامة والتي تعاقب على
جرائم جلب المواد المخدرة وإنتاجها وصناعتها وتصديرها، كما تعاقب كذلك على الشروع
في إرتكاب أي من هذه الجرائم، أو ناتجه عن إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة
415 من قانون الجمارك – كما سأذكرها بعد قليل، أو عن نشاط إحدى المنظمات
الإجرامية، فضلا عن الإلتزام بالإبلاغ عن أية تحويلات مالية تزيد قميتها عن خمسين
ألف فرنك فرنسي.
ولا يمتد الإلتزام بالإبلاغ إلى المجال العام الذي
تضمنته الجريمة العامة لغسل الأموال المنصوص عليها في المادة (324-1) من القانون
العقوبات الفرنسي[29]
وهذا يعد عيبا في التشريع، نظرا لأهمية الإبلاغ – كما سيأتي لاحقا[30]
- في كشف عمليات غسل الأموال الناتجة عن أي نشاط إجرامي.
وبمجرد حدوث الإبلاغ، تقوم النيابة العامة بإخطار إدارة
معينة تابعة لوزارة الإقتصاد والمالية، والتي يطلق عليها (TRACFIN) [31]،
وتتكون من مجموعة من موظفي الدولة المؤهلين في هذا المجال والتي تم إنشاؤها
بالقانون الصادر في 9 مايو 1990م، وتتلخص مهمة هذه الإدارة في جمع كافة المعلومات
المفيدة بصدد الواقعة المطروحة وتقديمها للنيابة العامة، لتحديد أصل المبالغ
وطبيعة العمليات التي تضمنها الإخطار المقدم للنيابة العامة، وحينما يتوافر قدر
كاف من المعلومات لإثبات حدوث وقائع تكشف عن جرائم الإتجار في المخدرات أو عن
انشطة المنظمات الإجرامية، وهذه المعلومات تقدم للنيابة العامة، وكذلك لإدارة
الجمارك، لغتخاذ الإجراءات اللازمة، لتطبيق نص المادة (415) من قانون الجمارك،
المعدلة بالقانون الصادر في 23 ديسمبر 1998م، والتي تعاقب بالحبس الذي يتراوح بين
سنتين وعشر سنوات، وبمصادرة المبالغ محل الجريمة أو مبالغ تعادلها، وبالغرامة التي
تتراوح قيمتها بين ما يعادل المبالغ التي وقعت عليها، سواء أكانت هذه الجريمة تامة
أم في مرحلة الشروع، وخمسة أضعاف هذه القيمة، كل من يمارس أو يشرع في ممارسة عملية
مصرفية بين فرنسا والخارج، سواء عن طريق الجلب أو التصدير أو التحويل أو المقاصة،
إذا كان محلها أصولا يعلم أنها متحصلة بطريق مباشر أو غير مباشر من جريمة منصوص
عليها في قانون الجمارك أو عن طريق إحدى الجرائم التي تقع بالمخالفة للنصوص الخاصة
بالمواد او بالنباتات المخدرة.
وقد يترتب على هذا الإبلاغ، وقف العملية المالية المزمع
إجراؤها لمدة لا تتجاوز 12 ساعة، بناء على قرار من (TRACFIN)
كما أن الأموال المشتبه فيها والتي تم الإبلاغ عنها، قد يتم حجزها مؤقتا بناء على
قرار من رئيس المحكمة الإبتدائية بباريس، أو قاضي التحقيق عند الإقتضاء، بغية
إتاحة فرصة لموظفي (TARACFIN) للتحري بشأن ظروف وملابسات العملية ومدى مطابقة
الشبهات المثارة للواقع (م 6 من القانون رقم 9-614 الصادر في 12 يوليه 1990،
والمضافة بالقانون رقم 93-122 الصادر في 29 يناير 1993م.
وطبقا للمادة (8) من قانون مكافحة غسل الأموال المصري،
تلتزم المؤسسات المالية بإخطار وحدة مكافحة غسل الأموال، وهي وحدة مستقلة ذات طابع
خاص، تنشأ بالبنك المركزي.
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 164 لسنة 2002م بإنشاء
وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي المصري، تتولى مباشرة الإختصاصات الواردة
بقانون مكافحة غسل الأموال.
وقد حددت المادة الأولى (حـ) من هذا القانون، المؤسسات
المالية بأنها:
1. البنوك العاملة في مصر وفروعها في الخارج وفروع البنوك
الأجنبية العاملة في مصر.
2. شركات الصرافة والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل في
النقد الأجنبي.
3. الجهات التي تباشر نشاط تحويل الأموال.
4. الجهات العاملة في مجال الأوراق المالية.
5. الجهات العاملة في مجال تلقي الأموال.
6. صندوق توفير البريد.
7. الجهات التي تمارس نشاط التمويل العقاري وجهات التوريق
العقاري.
8. الجهات التي تمارس نشاط التأجير التمويلي.
9. الجهات العاملة في نشاط التخصمي.
10. الجهات التي تمارس أي نوع من أنشطة التامين وصناديق
التأمين الخاصة وأعمال السمسرة في مجال التأمين.
أما فانون مكافحة غسل الأموال القطري، فقد نصت المادة
التاسعة منه على أنه "تحدد الجهة المختصة واجبات المؤسسات المالية في مجال
مكافحة غسل الأموال وتتابع تنفيذها".
فقد نصت المادة الثالثة من هذا القانون على أنه
"يعد مرتكبا لجريمة مرتبطة بجريمة غسل الأموال، كل من توافرت لديه بحكم عمله
معلومات تتعلق بجريمة غسل الأموال المنصوص عليها في المادة السابقة، ولم يتخذ
الإجراءات المقررة قانونا بشأنها".
وقد بينت الفقرة الثالثة من المادة الأولى من هذا
القانون، المقصود بالمؤسسات المالية بأنها "كل شركة أو منشأة يرخص لها
بمزاولة أعمال مصرفية أو مالية أو غيرها، كالبنوك أو محال الصرافة أو شركات
الإستثمار أو التمويل أو شركات التأمين أو الشركات أو المهنيين الذين يقومون
بخدمات مالية أو سماسرة الأسهم والأوراق المالية أو أي فرد أو جهات أخرى مماثلة.
كما بينت الفقرة الثانية من المادة الأولى، المقصود
بالجهة المختصة، بأنها "الوزارة أو الجهاز الحكومي أو الهيئة العامة أو
المؤسسة العامة أو مصرف قطري المركزي بحسب الأحوال".
14. أهمية دور
البنوك في الإبلاغ عن العمليات المالية المشبوهة:
للمؤسسات المالية دور كبير لا يمكن تجاهله بصدد مساعدة
السلطات المختصة في كشف جرائم غسل الأموال.
ذلك أن العمليات المالية قلما تتم خارج المؤسسات
المالية، فضلا عن أن البنوك تعد المستهدف الرئيسي في عمليات غسل الأموال، لدورها
الكبير في تقديم مختلف الخدمات المصرفية،
لذا كان من الطبيعي أن توجه انشطة غاسلي الاموال القذرة إليها، على أمل
إجراء سلسلة من العمليات المصرفية، حتى تتمتع هذه الأموال بصفة الشرعية.
بل إن أهمية البنوك في آلية غسل الأموال، تفوق أهمية
أسواق المال الدولية، ذلك أن نسبة ما يغسل من أموال من خلال أسواق المال الدولية
لا تتعدى نحو (25%) من إجمالي حجم الأموال المغسولة، رغم تمتعها بسرية المعاملات،
وهو مبدأ تلتزم به جميع البورصات العالمية[32].
ويأتي التزام البنوك وغيرها من المؤسسات المالية
بالإبلاغ عن العمليات المالية المشبوهة ليحل مشكلة كانت تواجهها حال قيامها
بالإبلاغ طواعية – قبل صدور قانون مكافحة غسل
الأموال – إذ لو قامت بالإبلاغ تسأل عن جريمة إفشاء السر المصرفي الخاص
بالعميل، وعند تقاعسها عن هذا الإبلاغ، قد تسأل عن حجب معلومات عن السلطات المختصة
وعرقلة التحقيق والتعاون مع غاسلي الأموال[33].
[3] لذلك يستوي أن يكون البلاغ شفاهة أم كتابة، وإذا
حصل كتابة، فلا يشترط أن يكون محررا بمعرفة المبلغ أو موقعا عليه منه، أو أن يكون
قد أرسل بمعرفته إلى الجهة المختصة، الدكتور محمود محمود مصطفى: شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، مطبعة جامعة
القاهرة 1984رقم 367 ص 410.
[7] راجع المواد: 25 من قانون الإجراءات الجنائية
المصري، 25 إجراءات جنائية لبناني، 26 إجراءات جنائية سوري، 15 إجراءات جنائية
ليبي، 364 عقوبات إيطالي.
[8] خلافا للتشريعات التي تجعل هذا الواجب على
الأفراد من العموم بمكان بحيث يشمل جميع الجرائم تحقيقا لمبدأ التضامن الإجتماعي
الذي يقوم عليه المجتمع، ووجوب قيام أفراده بالتعاون في حماية مقوماته، من ذلك
قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي رقم 35 لسنة 1992، فقد نصت المادة 37 منه على
أن "كل من علم بوقوع جريمة مما يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى بغير شكوى أو
طلب، أن يبلغ النيابة العامة، وأحد مأموري الضبط القضائي عنه "الدكتور ناصر
عبد الله حسن محمد: حقوق المتهم في مرحلة جميع الإستدلالات، دراسة مقارنة بالتطبيق
على التشريعين الإماراتي والمصري، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس 2001
ص 153.
[9] راجع المواد 84، 98 من قانون العقوبات المصري،
388 عقوبات سوري، 398 عقوبات لبناني 258 عقوبات ليبي، 206 – 207 عقوبات أردني.
[18] المستشار محمد ماهر: الكفاح ضد الجريمة في
الإسلام، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة 1392هـ 1972 م ص 19.
[19] الدكتور سعد المرصفي: المسؤولية الإجتماعية في
الإسلام، مكتبة المعلا، الكويت، 1408 هـ 1988 ص 274.
[20] John Madinger, Sydney A. Zal:
Money laundering: aguide for
criminal investigators, CRC press Boca Raton, London, New York,
Washington D.C 1999.
الدكتور حمدي عبد العظيم: المرجع السابق، ص 220 – 221.
الدكتور طاهر مصطفى: المواجهة التشريعية لظاهرة غسل
الأموال المتحصلة من جرائم المخدرات دراسة مقارنة، كلية الحقوق، جامعة القاهرة،
1422 هـ 2001م ص 400.
[26] V.G: BOURDEUX: la suspicion de fraude, juris – classeur periodique (la
semaine juridique) 1994ed General 1.3782. No3.
"Cellui de coordication chargee du traitement
du Renisgnement et de l'action contre le circuits Francies clandestine".
[32] عمر محمد خير الحاج، العادل
العاجب: العولمة وآثارها في تطور الجريمة،
مجلة الأمن والقانون، كلية شرطة دبي، السنة العاشرة، العدد الأول، شوال 1422هـ
يناير 2002 م ص 29.
[33] E' Alford Anti DUNCAN:
money laundering Regulations, Aburden on Financial institutions, volume
19 north, Carolina journal of international and commercial Regulation, (summer
1994) p 458 – 459 p 463.