الثلاثاء، 9 فبراير 2016

الفصل الأول سوق الصرف (تعريف سوق الصرف وأطراف التعامل فيه)

مقدمة:
        إنّ لموضوع المعاملات التجارية الدولية ,جوانب نقدية,حيث أنّ لكل بلد عملته الخاصة,وحيث أنّ انتقال رؤوس الأموال بين البلدان ,يتم في السوق الدولية مقابل استعمال العملات والتي يتحدد سعرها في سوق يسمى سوق الصرف,أي أنّ أي معاملة دولية تتضمن انتقالا لرؤوس الأموال بين البلدان,لابد وأن تقابلها معاملات مالية كذلك,في حين أنّ هذه المعاملات تولد ضغطاً على سوق الصرف ,ممّا يؤدي إلى تغير سعر الصرف نتيجة لعدم التوازن بين العرض والطلب للعملة محل البحث,وبالتالي هذه التدفقات لرؤوس الأموال تعتبر مصدراً هاماً لتنوع الضغط السوقي للصرف (اضطرابات السوق الدولي)
إنّ تفهم سلوك أسعار الصرف,يقتضي تفهم القوى التي تولد التحركات الدولية لرؤوس الأموال ؛من هنا جدير بنا أن ندرس العلاقةالتي تربط بين أسعار الصرف ,والتدفقات الدولية لرؤوس الأموال
1.     تعريف سوق الصرف وأطراف التعامل فيه.
عندما تشتري منشأة منتجات من دولة أخرى,فقد يتطلب الأمر شرائها لعملة تلك الدولة ,بغرض سـداد قيمة المنتجات المستوردة.وعندما تبيع المنشآة منتجات إلى دولة أخرى ,فقد تحصل على قيمة تلك المنتجات المصدرة بعملة الدولة المستوردة ,لتستبدلها فيما بعد بعملتها, أو بعملة دولة أخرى قد تكون في حاجــة إليها, وكما هو واضح يتطلب الأمر في كلا الحالتين التعامل مع سوق صرف العملات الأجنبية .
    فما هو شكل ذلك السوق ؟وما طبيعة أطراف التعامل ؟
1-1.تعريف سوق الصرف: سوق صرف العملات هو سوق غير منظم ,أي سوق موازي .يقصد بذلك أنه لا يوجد مكان محدد يتم فيه التعامل على العملات المختلفة,إذ يجري التعامل من خلال شبكة اتصالات عالمية التجار الأساسيين في تلك السوق,وهو عادة البنوك التجارية الكبيرة والبنوك المركزية.ومن أبرز المراكز نيويورك ولندن وطوكيو وباريس وسنغافورة هونج كونج...إلخ.ومع هذا يوجد استثناء على تلك القاعدة.ففي أوربا يوجد عدد محدود من الأسواق المنظمة للعملات,بما يفي وجود مكان محدد يتم فيه التعامل[1].
وتكمن الوظيفة الأساسية لسوق الصرف الأجنبي في تحوي الأرصدة النقدية أو القوة الشرائية من قطر وعملة إلى قطر آخر وعملة أخرى[2]
    وعادة ما تنشر أسعار بيع وشراء العملات المختلفة في صحف المال,التي من أبرزها صحيفة وول    ستريت thewall street journal
    1ـ2.أطراف التعامل في سوق الصرف:  يمكن التمييز بين أربعة أطراف يتعاملون مع ذلك السوق هم الوسطاء,والعملاء والمضاربون والمراجحون ,والبنك المركزي.
    أ.الوسطاء:يقصد بالوسطاء البنوك والتجار,الذين يقفون دائماً على استعـداد لشراء وبيع العملة للمنشآت والأفراد الراغبين في ذلك ,والذين يهدفون إلى تحقيق الربح من الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع.
   ب.العملاء:يقصد بالعملاء الأفراد والمنشآت الذين يستخدمون السوق لتسير معاملاتهم المالية والتجارية ,وكذا تجنب مخاطر تغير أسعار الصرف.
   ج.المضاربون والمراجحون:يقصد بالمضاربين أولئك الذين يتعاملون في السوق بغرض تحقيق الربح من بيع أو شراء العملة,حيث تبنى قرارات الشراء والبيع على ضوء توقعاتهم بالتغيرات المستقبلية في أسعار الصرف .
      أما المراجحون فهم الذين يغتنمون فرصة وجود فروق في أسعار الصرف لعملة واحدة بين سوقين مختلفين,حيث يقومون بالشراء من السوق ذات السعر المنخفض ,والبيع في السوق ذات السعر المرتفع ,ويحققون الربح من الفرق بين السعرين.
      4.البنوك المركزية:لا تتعامل البنوك المركزية في سوق العملة بهدف تحيق الربح ,بل بهدف تحقيق أهداف اقتصادية قومية.فعندما انخفض سعر الدولار في مقابل الين في شهر أبريل عام1994م,سارع البنك المركزي الياباني بالتدخل لشراء الدولار وذلك بهدف الحد من المعروض منه ورفع سعره بالتبعية,وذلك رغبة في الحد من الآثار السلبية على صادرات المنتجات اليابانية
    2- مميزات ووظائف سوق الصرف.
2- 1 مميزات سوق الصرف: يمكن أن نوجز بعض مميزات سوق الصرف في الآتي:  
  أ- حجم المعاملات: تتطور حجم المعاملات عبر الزمان، نلاحظ تطورها مثلا بين 1983م 1986 حيث تضاعفت بمرتين، تبلغ أكثر من 1200مليار$ في اليوم تقريبا.
  ب- توزيع حجم المعاملات حسب العملة: يعتبر الدولار($) أهم عملة في التعامل في الأسواق مثلا: اليابان تمثل العمليات التي طرفاها( الين/الدولار) %82
  جـ- توزيع حجم المعاملات حسب نوع المعاملة: تمثل السوق الحاضرة أهم نسبة في التعامل مثلا في الو.م.أ %  وفي اليابان حواليى50%وفي لندن73%63.2 
   د- توزيع حجم المعاملات حسب المتعاقدين: حيث نجد أغلب المعاملات تتم بين المصارف مثلا في كندا %66   وفي اليابان%في الو.م.أ 86.6 %69  تمثل       
2-2)    وظائــف سوق الصـرف: تقوم سوق الصرف بعدّة وظائف هامة منها الموازنة والتغطية ضدّ المخاطر، وعملية المقاصة أو تهاتر الحقوق والديون[3].
            أ- التغطية من مخاطر الصرف: كضامن شراء أو بيع كمية من العملة الأجنبية، تستلم في تاريخ لا حق وسعر صرف يتفق عليه اليوم، وذلك لتجنب مخاطر الصرف، مثال: مقيم جزائري مدين بـ10000$أمريكي، مستحقه السداد بعد ثلاثة أشهر، وإذا كان سعر الصرف الحاضر هو: 1$=60 دج    ، وسعر الصرف الآجل هو: 1$= 61دج، يقوم بشراء 10000$ أمريكي من السوق الآجلة مستحقة بعد ثلاثة أشهر حين يحل الأجل يدفع10000دج مقارنة بالسعر الحاضر، لكنّه يؤمن لنفسه من حالة ارتفاع قيمة الدولار أكثر من ذلك أي 1$= 63دج أو 64دج.
            كيفية تنفيذ الصفقات: يصور شكل(1) الكيفية التي يتم فيها تنفيذ الصفقات، مع ملاحظة أنّ مفهوم سوق تبادل العملة في هذا الشكل يتضمن الأسواق الحاضرة، إلى جانب الأسواق الآجلة والعقود المستقبلية.

شكل(1) كيفية تنفيذ الصفقات.
تعليق: افترض أنّ عميل يرغب في التعامل في السوق الحاضر(      ) لشراء دولارات بماركات ألمانية، هنا يصبح لزاما عليها أن تصدر أمرا بذلك إلى أحد البنوك المحلية الذي يتصل بدوره بأحد صناع سوق العملة، وهي البنوك المتخصصة في تجارة العملة لتنفيذ طلب العميل، وإذا ما كان حجم الصفقة كبير فقد يطلب البنك من أحد سماسرة الصرف الأجنبي المساعدة في العثور على طرف آخر للصفقة، وعندما تبرم الصفقة يخبر بها العميل على الفور.
            أما لو كان العميل راغب في التعامل في سوق العقود الآجلة حينئذ يكون أمامه بديلين:
البديل الأول: الاتصال بأحد سماسرة الأوراق المالية الذي يتعامل في السوق الآجلة الذي يقوم بدوره بإبرام العقد المطلوب في واحد من تلك الأسواق، وفي التاريخ المحدّد للتنفيذ يتم شراء أو بيع العملة التي يتضمنها العقد من خلال صناع السوق في السوق الحاضرة، على أن تتم تسويت العقد المستقبلي على أساس نقدي.
            أما البديل الثاني المتاح أمام العميل فهو الاتصال بالبنك المحلي، ليتصل بدوره بسوق العقد لإبرام العقد المطلوب، وذلك من خلال أحد السماسرة، ومن أشهر تلك الأسواق بورصة شيكاغو للعقود الآجلة، وبورصة لندن للعقود المالية الآجلة الدولية، وكذا بورصة فيلادلفيا للأسهم، وسوق النقد العالمي الذي يتكون من عدد من البنوك التي تتعامل في السوق الحاضر للعملة.
            ب- التحكيم المغطى بفائدة: يقصد بها تحويل أرصدة سائلة من مركز نقدي وعملة بلد، إلى مركز نقدي وعملة بلد آخر، للاستفادة من فارق أسعار الفائدة، مثال: يفرض أنّ سعر الفائدة في الجزائر%6وفي الو.م.أ يساوي%10 وأنّ سعر الصرف الحاضر هو1$= 10دج كيف يوظف مستثمر من الجزائر مبلغ10000دج
- يحول مبلغ10000دج إلى الدولار 10000دج× 1/10=1000$.
- بعد سنة يحصل على مبلغ تقدر بـ:10000×1.1= 1100$.
-        يحول المبلغ الإجمالي إلى الدينار:  - إذا لم يتغير سعر الصرف يكون المبلغ: 11000دج.
-        لو استثمر المبلغ 10000دج في الجزائر سوف يكون بحوزته بعد سنة10000دج×1.06=
10600دج، وبالتاي يكون قد حقق فائدة احتياطية تقدر بـ11000-10600= 400دج، وهي تمثل من المبلغ الأصلي400/10000×100=4% وهي عبارة عن فروق في سعر الفائدة بين البلدين.
*نفرض الآن أنّ سعر الصرف الحاضر المتحقق بعد سنة هو1$= 8دج، بعد سنة يكون
بحوزة المستثمر 1100$، يحول المبلغ إلى الدينار فيحصل: 1100×8= 8800دج، وبذلك يكون قد حقق خسارة بمقدار(11000- 8800) = 12000دج وحتىّ يتجنب المستثمر مخاطر الصرف يتدخل في السوق الآجلة حيث سعر الصرف الآجل هو: 1$= 9.75دج، إذن يبيع في هذه السوق1100$ فيحصل على 1100×9.75= 10725دج والفائدة الإضافية هي: 725-600=125دج.
يتوقع في مثل هذه الحالة أن يدخل كثير من المراجحين لاغتنام الفرصة وتحقيق الأرباح الأمر الذي
يترتب عليه زيادة الطلب على العقود الآجلة، مما يرفع سعر الصرف في تلك العقود، إلى أن تتبخر الفائدة وتصبح معدومة، وبالتالي يتوقف التحكيم المغطى بفائدة أو ما يطلق عليها نظرية مساواة سعر الفائدة.
            وفقا لنظرية مساواة سعر الفائدة لا بدّ أن تكون نسبة معدل الفائدة في دولتين مساوية لنسبة السعر الآجل والسعر الحاضر لتبادل العملتين.
            وبالتالي في مثالنا نجد أنّه لكي تتوقف عملية المراجحة لا بدّ أن يرتفع سعر الصرف في العقد الآجل ليصبح1$= 10.37دج وهنا تتوقف عمليات المراجحة.
            لدينا المعدل السنوي المتوقع للعلاوة=0.1-0.06/1+0.06=0.377355 وبالتالي:
 س-10 /10=0.377358 [س=10.37دج]، ولعل ارتفاع سعر الصرف في السوق الآجل من شأنه أن يعيد التوازن: 101/1.06=10.37/10.
            ج- المضاربة: هي عكس التغطية، حيث يسعى المضارب إلى مخاطرة الصرف الأجنبي، وإلى وضع غير مغطى سعيا منه إلى تحقيق الربح، تعتمد المضاربة على التنبؤ، فإذا كان تنبؤ المضارب صحيحا سوف يحقق ربحا،وإذا حدث العكس قد يتعرض إلى خسارة،ويتدخل المضارب في سوق الصرف الآجلة[4].
مثال: إذا كان السعر المقدم في ثلاثة أشهر هو: 1د=2.3$، وأعتقد المضارب أنّ السعر الحاضر
للدينار في ثلاثة أشهر سيصبح 2.4$=1د، فيمكنه أن يدخل اليوم في عقد مقدم لشراء 1000د في ثلاثة شهور عند 2.3$ للدينار، وبعد الشهور الثلاثة سيدفع 2300$ مقابل 1000د،فإذا حدث في ذلك الوقت أنّ كان السعر الحاضر للدينار هو2.4$ (كما يتوقع) فيمكنه إعادة بيع الـ1000د في السوق الحاضرة مقابل 2400$ ويكسب $100 $.
د- عملية المقاصــة أو تهاتر الديون: إذا دفع للمصدرين الجزائريين بدولارات، فإنّ هذه الدولارات يمكن بيعها في سوق الصرف إلى المستوردين الجزائريين الذين يريدون، أو يكون عليهم أن يدفعوا بدولارات، وبالمثل بالنسبة للأمريكيين، ويتم ذلك في العمل عن طريق استخدام  الكمبيالات والحوالات والاعتمادات المصرفية، وعليه فإنّ سوق الصرف تعمل كبيت مقاصة، ويمكن تفهم هذه الوظيفية في تسهيل تسوية المدفوعات الخارجية، بالوقوف إلى الدور الذي تقوم به هذه المؤسسات(البنوك) في التوسط بين الدائنين والمدينين.
والواقع أننا إذا نظرنا إلى عمليات الصرف بين بلدين، لوجدنا أنّ أكثر هذه العمليات إنما يتحصل في تسوية المدفوعات الخارجية بين البلدين دون حاجة إلى انتقال النقود[5].

في واقع الامر استوفى مصدر البطاطا الجزائري حقه من الدنانير التي دفعها مستورد القمح الجزائري وفاءبقيمة ما أستورد من البطاطا من ال.م.أ كما استوفى مصدر القمح في الو.م.أ حقه من الدولارات التي دفعها مستورد البطاطا الامريكي وفاء بقيمة ما أستورد من البطاطا الجزائرية .   




منير إبراهيم هندي,الفكر الحديث في مجال مصادر التمويل ,توزيع منشأة المعارف,الإسكندرية,مصر,ص446 -[1]
دومينيك سالفادور,نظريات ومسائل في الاقتصاد الدولي, ديوان المطبوعات الجامعية , 1993 , ص146 -[2]
[3] - بسّام الحجار: العلاقات الاقتصادية الدولية، (المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع؛ بيروت، لبنان، 2003)، ص 85
 دومينيك سالقاتوره: ملخصات شوم نظريات وسائل الاقتصاد الدولي، ديوان المطبوعات الجامعية،1993، 147. -[4]
 د.عادل أحمد حشيش: أساسيات الاقتصاد الدولي، الجامعة الجديدة، 2001، ص135.-[5]